الحمد لله الرحيم الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدي والفرقان وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وعظيمنا محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان، صلى عليه الله وملائكته والمؤمنون وعلى آله وأزواجه وخلفائه وجميع أصحابه ومن تبعهم بإحسان، ثم أما بعد، يقول الله تعالي ” فاصبر إن وعد الله حق، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون” وإن إشتداد الأزمة في سنن الله تعالي تعني قرب إنبلاج الفجر وظهور طلائع النصر كما قيل اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلج، ولهذا نجد نبي الله يعقوب عليه السلام يكون أمله في العثور على يوسف أشد عندما أخذ ابنه الثاني فيقول ” فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا”
وقال لأبنائه ” يا بني إذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه، ولا تيأسوا من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون” وإن من الأسباب المعينة على الصبر هو الاستعانة بالله تعالي حيث أنه مما يعين المبتلى على الصبر أن يستعين بالله تعالى ويلجأ إلى حماه فيشعر بمعيته سبحانه وأنه في حمايته ورعايته، ومن كان في حمى ربه فلن يضام ولذا قال نبي الله موسى عليه السلام لقومه بعد أن هددهم فرعون بما هددهم به ” إستعينوا بالله وإصبروا، إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين” فإذا لم يكن عون من الله تعالي للفتى فأكثر ما يجني عليه إجتهاده، ولعل حاجة الصابرين إلى الإستعانة بالله تعالى والتوكل عليه هي بعض أسرار إقتران الصبر بالتوكل على الله في آيات كثيرة كقوله طنعم أجر العاملين، الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون”
وقوله عن رسله “ولنصبرن على ما آذيتمونا، وعلى الله فليتوكل المتوكلون” وكما أن من الأسباب المعينة على الصبر هو الاقتداء بأهل الصبر، فإن التأمل في سير الصابرين يعطي الإنسان شحنة دافعة على الصبر، ومن هنا ندرك سر حرص القرآن الكريم المكي على ذكر صبر الأنبياء على ما لاقوه من أممهم وهذا ما صرح الله به في قوله تعالي ” وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين” وقال الله ” ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا، ولا مبدل لكلمات الله، ولقد جاءك من نبإي المرسلين” وجاء الأمر صريحا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالإقتداء بالصابرين قبله فقال تعالي “فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، ولا تستعجل لهم”
وحين نزل البلاء بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءهم التذكير ببلاء من كان قبلهم “أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين” وقال لهم ” أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، ألا إن نصر الله قريب”