بقلم سعاد خفاجي
في حياتنا الشخصية ، نقابل العديد من المشكلات والخلافات التي تؤدي إلى حالات من الزعل بين الأشخاص المقربين . الزعل العادي بين الناس قد يكون أمراً طبيعياً، بل وصحياً في بعض الأحيان، لأنه يشير إلى وجود علاقة حقيقية تحتوي على مشاعر وتوقعات متبادلة. و الزعل ياتي علي قدر المحبة و هذا ما قاله اجدادنا و هم لم يخطئوا ، لكن الفرق بين الزعل العادي وبين السقوط من النظر كبير وعميق.
الفرق بين الزعل العادي والسقوط من النظر
الزعل العادي يمكن أن يحدث لأي سبب بسيط أو معقد – كلمة قاسية، سوء تفاهم، أو حتى إهمال غير مقصود. ما يميز هذا النوع من الزعل هو أنه غالباً ما يكون قابلاً للإصلاح. قد يتطلب بعض الجهد والاعتذار والوقت، لكنه لا يمس جوهر العلاقة.
أما السقوط من النظر، فهو حالة أكثر جدية وصعوبة. يحدث عندما يفقد أحد الأطراف الثقة أو الاحترام للطرف الآخر بسبب فعل معين أو سلسلة من الأفعال التي تتعارض مع القيم الأساسية للعلاقة. إنه ليس مجرد زعل، بل نقطة تحول حاسمة تجعل استعادة العلاقة شبه مستحيلة.
حينما يسقط شخص من نظر الآخر، يصبح استرجاع العلاقة تحدياً كبيراً. هذا السقوط غالباً ما يجمّد الذكريات والاتفاقيات التي كانت تُبنى عليها العلاقة. كل لحظة جيدة تصبح ملوّثة بالخيبة، وكل وعد يبدو الآن كأنه كذبة.
على عكس الزعل العادي، الذي يمكن أن يُذوّب مع مرور الوقت أو مع تصحيح الموقف، فإن السقوط من النظر يخلق فجوة عاطفية وعقلية قد لا يمكن تجاوزها. الشخص الذي يسقط من نظر الآخر يُصبح غير قادر على استعادة مكانته السابقة، ليس بسبب عدم الرغبة فقط، بل بسبب انكسار الصورة التي كانت تجمع الطرفين.
الزعل اليومي بين الأشخاص يشبه الأمواج التي تضرب الشاطئ؛ قد تكون قوية أحياناً، لكنها تتراجع دائماً، وتترك المجال لبداية جديدة. أما السقوط من النظر، فهو كزلزال يغيّر معالم الأرض تماماً. يحدث مرة واحدة فقط في العلاقة، ولكنه يُحدث تغييراً دائماً.
عندما يسقط أحدهم من نظر الآخر، يحدث نوع من التجميد النفسي. الكلمات الجميلة التي كانت تُقال، واللحظات المشتركة، والوعود التي قُطعت – كلها تتوقف عن العمل كمرجع للحنين أو الأمل. بدلاً من ذلك، تصبح شاهداً على خيانة الثقة أو انهيار الصورة التي كان يحملها الطرف الآخر.
في النهاية، إعادة بناء العلاقة بعد السقوط من النظر هي مهمة شاقة للغاية، وأحياناً مستحيلة. كما قال أحدهم: “عندما يتم السقوط من عينيك، تتجمد الكلمات، وتتجمد الذكريات، وتبقى أشياء كثيرة غير ممكنة. إنها ليست فقط أزمة عودة، بل هي وداعٌ لمرحلة لا يمكن استعادتها مرة أخرى.”