حالة عدم اليقين فى السوق بشأن زيادة الأسعار

متابعة  أيمن بحر

ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات والذى يعد بمثابة معيار لمعدلات الرهن العقارى وكمقياس لثقة المستثمرين يوم أمس الثلاثاء إلى أعلى مستوى له منذ العام 2007، وهو الأمر الذى من شأنه أن ينعكس بشكل واسع على الأسواق بما فى ذلك أسعار الذهب وأسواق المال ويعد مؤشراً بالنسبة للفيدرالى الأميركي لاتخاذ قراراته المقبلة فيما يخص أسعار الفائدة بعد تثبيتها فى الاجتماع الأخير.

ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 11 نقطة أساس إلى 4.793 بعد ارتفاعه بنسبة 4.8 بالمئة فى وقت سابق يوم الثلاثاء. فيما ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 30 عاماً إلى 4.924 بالمئة وهو أيضًا أعلى مستوى منذ العام 2007.

حالة عدم اليقين في السوق بشأن متى وما إذا كان من الممكن تنفيذ زيادة الأسعار (الفائدة)، لا تزال قائمة، بينما لا يزال هناك اجتماعان للفيدرالى هذا العام (..).
ارتفاع العائدات جاء على الرغم من أن المشرعين الأميركيين تمكنوا من تجنب إغلاق الحكومة عندما أقروا مشروع قانون الإنفاق في اللحظة الأخيرة ليلة السبت. وقد منحهم ذلك الوقت للانتهاء من تشريع التمويل الحكومى اللازم. وكان من الممكن أن يؤثر الإغلاق سلباً على التصنيف الائتمانى للولايات المتحدة وكذلك على اقتصاد البلاد.

زيادة أسعار الفائدة أدت إلى إحياء الحديث عن حراس السندات فى السوق وهو مصطلح صاغه الاقتصادى إد ياردينى لوصف التأثير عندما يغادر مستثمرو الدخل الثابت السوق بسبب المخاوف بشأن الديون الأميركية.
مبعث القلق هو أن العجز المتصاعد في الميزانية الفيدرالية سيخلق مزيداً من المعروض من السندات أكثر مما يستطيع الطلب تلبيته، بما يتطلب عوائد أعلى لتطهير السوق.

وأقر الكونغرس الأميركي مشروع قانون مؤقت للتمويل في وقت متأخر، السبت، بدعم ساحق من الديمقراطيين بعد أن تخلى رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي عن طلب سابق من المتشددين في حزبه بإقرار أي مشروع قانون عبر أصوات الجمهوريين فحسب (والذي كلفه فيما بعد منصبه في سابقة تاريخية) . وصوت مجلس الشيوخ ذو الأغلبية الديمقراطية بأغلبية 88 صوتا مقابل تسعة لتمرير الإجراء لتجنب الإغلاق الجزئى الرابع للحكومة الاتحادية خلال عقد من الزمن.المدير التنفيذي لشركة فيرجن إنترناشيونال ماركتس vi markets أحمد معطى قال إن ارتفاع عائدات السندات لأجل 10 سنوات وسنتين، بنحو 5 بالمئة جاء فى خطٍ متوازٍ مع خطاب رئيس الفيدرالى الأميركى جيروم باول والتى شدد خلالها على أن الضغوط التضخمية لا تزال قائمة وبالتالى مستمرين فى تشديد السياسة النقدية ومع الإشارات المرتبطة باتجاه الفيدرالي لرفع الفائدة مرة أخرى خلال 2023 في أحد الاجتماعين المقبلين في نوفمبر وديسمبر.

ولفت معطي إلى تصريحات باول التي نبّه خلالها إلى أثر ارتفاع أسعار النفط فوق الـ 90 دولاراً للبرميل على زيادة الضغوط التضخمية، وبما يدعم توجهات الفيدرالى فى هذا السياق وفى ظل الإشارات الواردة من 12 عضواً تقريباً بالبنك أكدوا نفس ذلك الخطاب.وتابع المدير التنفيذي لشركة فيرجن انترناشيونال ماركتس: “كل ذلك يقود في النهاية إلى اتجاه السيولة للسندات، على اعتبار أنها مُطمئنة أكثر للمستثمرين، ومع خوف الشركات من الركود، وبالتالي البدء في سحب الأسهم، وهو ما انعكس على ستاندرد اند بورز وتراجع ناسداك أخيراً، في ظل انسحاب السيولة إلى سندات الخزانة.. وهو أمر منطقى جداً، مع الخوف من حالة ركود محتمل وباستمرار الفيدرالي في تشديد السياسة النقدية.

الثلاثاء، خسر مؤشر داو جونز الصناعى 454 نقطة (بنسبة 1.3 بالمئة) وهو أكبر انخفاض له منذ مارس إبان انهيار سيليكون فالى. كما تراجع ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.4بالمئة، وكذلك ناسداك بنسبة 2 بالمئة.وواصلت الأسهم الأوروبية الخسائر، الثلاثاء، وسط ضغوط ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية والدولار على الأصول عالية المخاطر مثل الأسهم والسلع الأولية، فيما أثرت توقعات متشائمة من قطاع الوساطة المالية على شركات بيع الأزياء بالتجزئة.
وأشار معطى إلى انعكاسات ذلك الارتفاع على أسعار الأسهم، وكذلك الذهب موضحاً أن الارتفاعات هناك والتراجعات هنا، جميعها عوامل تأتى من حالة الخوف من الدخول في حالة ركود تضخمى ترتفع فيه الضغوط التضخمية مع تراجع النمو”.واستمرت عمليات بيع الذهب الثلاثاء وسجل أطول سلسلة خسائر منذ أغسطس 2022 في الجلسة الأخيرة، بعدما أكد مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) احتمال بقاء أسعار الفائدة مرتفعة.

وتجدر الإشارة إلى أن صناع السياسة فى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أشاروا إلى عدم الاتفاق حول ما إذا كانت هناك حاجة إلى.رفع أسعار الفائدة مرة أخرى قبل نهاية العام، لكنهم متفقون على أن أسعار الفائدة يجب أن تظل مرتفعة لفترة طويلة من الزمن.

وتستخدم لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية التابعة للبنك المركزي زيادات أسعار الفائدة لخفض التضخم الذى يعتبره المسؤولون مرتفعاً للغاية على الرغم من انخفاض السعر بشكل كبير عن ذروته في منتصف العام 2022.

خبير أسواق المال حسام الغايش قال إنه رغم أن الفيدرالى الأميركي لم يقدم على رفع الفائدة فى اجتماعه الأخير، إلا أن معدلات التضخم لا تزال مرتفعة وإن كانت بوتيرة أبطأ (فيما لا تزال أقل من المعدل المستهدف عند 2 بالمئة) وبما يفتح الباب أمام البنوك المركزية لمزيد من رفع الفائدة

وأشار إلى أن استمرار هذا الاتجاه من شأنه أن يسهم في استمرار توجيه الاستثمارات من الدول الأكثر مخاطرة للأسواق الأقل مخاطرة وهو ما تستفيد منه سندات الخزانة الأميركية التى تحمل درجة مخاطرة أقل، وهى مؤمنة بشكل كبير جداً، وبالتالى تندفع السيولة إليها لا سيما الاستثمارات غير المباشرة عبر صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية.

ورصد خبير أسواق المال إلى تأثير ارتفاع عوائد سندات الخزانة لا سيما طويلة الآجل، على أسعار الذهب وأسواق الأسهم، وكذلك ما تحمله من مؤشرات تساعد الفيدرالي الأميركي في قراره القادم بخصوص أسعار الفائدة، على النحو التالي:

يؤثر ارتفاع عائدات سندات الخزانة على سوق الأسهم إذ تنسحب السيولة من هذه السوق إلى السندات كوسيلة مُدرة لعوائد مضمونة.
لا نستطيع أن نجزم بشكل كامل بأن التأثيرات كبيرة فهى ترتبط فى جميع الأحوال بدرجة المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن التطورات التى يشهدها العالم ومدى تطورها.إذا ما كانت درجة المخاطر كبيرة، يكون هناك انسحاب للسيولة بشكل أكبر من أسواق المال باتجاه سندات الخزانة.
أما أسعار الذهب، فهي مرتبطة أكثر بعمليات التحوط، وبنفس درجة الارتباط المذكورة بالمخاطر الجيوسياسية التي تشوب عديد من المناطق حول العالم، وتدفع صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية والدول للتحوط.
وأفاد بأن ذلك يعد مؤشراً من ضمن المؤشرات التي يتخذها الفيدرالي الأميركي لدى اتخاذ قراره المقبلة، لا سيما أن ارتفاع عوائد السندات يعني وجود إقبال كبير عليها، خاصة طويلة الأجل لعشر سنوات، مشدداً على أن استمرار الموجة التضخمية تحدد مصير تلك الاتجاهات، إذ يمكن للفيدرالى رفع الفائدة حال تصاعد الضغوط التضخمية أو تجاهلها (لجهة التثبيت) حال كانتا ارتفاعات معدلات التضخم بشكل محدود.

تسارع معدل التضخم السنوى فى أميركا خلال أغسطس الماضى بأكثر من المتوقع بسبب الزيادات في أسعار الوقود، الأمر الذي يضع ضغوطا على الفيدرالي الأميركي بشأن إنهاء موجة التشديد النقدي.
أظهرت بيانات وزارة العمل الأميركية، ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين، خلال أغسطس بأكبر وتيرة في 14 شهرا، مسجلا 3.7 بالمئة على أساس سنوي، مقابل 3.2 بالمئة فى يوليو.
وزادت فرص العمل فى الولايات المتحدة على غير المتوقع فى أغسطس، وهو ما قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى رفع أسعار الفائدة الشهر المقبل.

وقالت وزارة العمل فى مسحها الشهري عن فرص العمل ومعدل دوران العمالة، الثلاثاء، إن فرص العمل أو الوظائف الشاغرة، وهي مقياس للطلب على العمالة، قفزت 690 ألفا إلى 9.610 مليونا في اليوم الأخير من أغسطس. وعُدلت بيانات يوليو بالرفع لتظهر وجود 8.920 مليون فرصة عمل بدلا من 8.827 مليون في القراءة السابقة.وفي السياق، أشارت خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في حديثها إلى تأثيرات أزمة رفع سقف الدين الأميركى والمشكلات الحادثة بين الكونغرس والخزانة وملف الإغلاق الحكومي، ضمن أبرز العوامل التي تفرض نفسها على المشهد الاقتصادي بالولايات المتحدة فى الفترة الحالية، جنباً إلى جنب والسياسات التي يتبعها الفيدرالي الذى اتجه أخيراً للإبقاء على أسعار الفائدة، لكن جيروم باول، رئيس البنك، ألمح إلى الاتجاه لمزيد من الرفع حتى ولو بمعدلات ضئيلة من أجل الحد من التضخم.وتجدر الإشارة هنا إلى أن العجز المالي المرتفع باستمرار يشكل أحد العوامل التى تؤدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض. فيما ارتفع الدين العام إلى أكثر من 32.3 تريليون دولار هذا العام. وارتفعت الديون إلى ما يقرب من 120 بالمئة من إجمالى الناتج المحلي.

وأضافت: رفع الفائدة جاء لزيادة قوة الدولار مقابل سلة العملات، وقد حققت العملة الأميركية أخيراً مكاسب لمدة أربع أسابيع متوالية وفى ظل ارتفاع عائد أذون الخزانة لمدة 10 سنوات فى ضوء تبعات تلك السياسة المتشددة.

ورأت أن ارتفاع عوائد أذون الخزانة على ذلك النحو من شأنه أن ينعكس بشكل سلبى على أسواق المال وأسعار الذهب، لا سيما وأن المعدن الأصفر يسير عادة عكس الفائدة وقوة الدولار.وقالت إنه فيما يخص أسواق المال، فإنها -مع ارتفاع عوائد أذون الخزانة- عادة ما تكون حذرة من ذلك النمط من السياسات النقدية المتبعة لأنها تؤدى لارتفاع تكلفة الاستثمار، وتؤدي إلى انصراف المتعاملين في أسواق المال والاتجاه إلى الادخار أو الاستثمار في سندات الخزانة.

وأفادت بأن تأثيرات تلك السياسات ومع ارتفاع عوائد أذون الخزانة، فإن ذلك من شأنه أن يُحدث تأثيرات تتجاوز حدود الولايات المتحدة، وصولاً إلى الاقتصاد العالمى ولا سيما الدول غير المرتبطة بالدولار، فى وقت تضطر معه البنوك المركزية لاحتواء تلك التحديات بمزيدٍ من رفع أسعار الفائدة في محاولة لإيجاد جاذبية استثمارية لسنداتها (..).

وأضافت: تتفاوت حجم التأثيرات من بلد لآخر ومن سوق مال لآخر حسب قوة ارتباطه بالدولار الأميركى.

وتماشى بنك الاحتياطي الفيدرالى الأميركى مع معظم التوقعات في اجتماعه الأخير وأبقى على معدلات الفائدة كما هي دون تغيير. وقال البنك فى بيان له إن قرار لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، الإبقاء على سعر الإقراض الرئيسي بين 5.25 بالمئة و5.50 بالمئة يمنح المسؤولين الوقت لتقييم المعلومات الإضافية وتبعاتها على السياسة النقدية”.

وأظهرت توقعات الفيدرالى أن أسعار الفائدة قد تظل مرتفعة لفترة أطول من أجل خفض التضخم إلى الهدف المحدد، فبينما ثبت توقعاته لمعدلات الفائدة هذا العام عند 5.6 بالمئة، فقد رفعها للعام المقبل إلى 5.1 بالمئة مقابل 4.6 بالمئة في التوقعات السابقة، وكذلك الحال في عام 2025، حيث رفع توقعاته للفائدة عند 3.9 بالمئة، مقابل 3.4 بالمئة في التوقعات السابقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *