الدكروري يكتب عن الأنبياء والحنين إلي أوطانهم

 

بقلم محمـــد الدكـــروري

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين،

سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين فهو صلى الله عليه وسلم الذي باع واشترى، وكان شراؤه بعد أن أكرمه الله برسالته أكثر من بيعه، وكذلك بعد الهجرة لا يكاد يحفظ عنه البيع إلا في قضايا يسيرة أكثرها لغيره، وأما شراؤه فكثير، ويحفظ عنه أنه أجر نفسه قبل النبوة في رعاية الغنم، وأجر نفسه من السيدة خديجة في سفره بمالها إلى الشام واتجاره به حتى نما مالها وكثر، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال “احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إن من أمثل ما تداويتم به الحجامة” رواه البخاري ومسلم، وعنه رضي الله عنه قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجم في الأخدعين والكاهل، وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين” رواه الترمذي.

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت رخّص رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أمر من الأمور، فتنزه عنه ناس من الناس، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فغضب حتى بان الغضب في وجهه ثم قال “ما بال أقوام يرغبون عما رخّص لي فيه؟ فوالله لأنا أعلمهم بالله، وأشدهم له خشية” فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آل محمد الطيبين المخلصين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم بإحسان إلي يوم الدين، أما بعد فهذا كليم الله موسى عليه السلام حنّ إلى وطنه بعد أن خرج منها مجبرا، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الفصص ” فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا فقال لأهله امكثوا إنى آنست نارا لعلى آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون ” وقال ابن العربي في أحكام القرآن.

قال علماؤنا لما قضى نبى الله موسى الأجل طلب الرجوع إلى أهله وحنّ إلى وطنه، وفي الرجوع إلى الأوطان، تقتحم الأغرار وتركب الأخطار وتعلل الخواطر، ويقول لما طالت المدة لعله قد نسيت التهمة وبليت القصة، وها هو رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح البخاري، لما أخبر ورقة بن نوفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قومه، وهم قريش مخرجوه من مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أومخرجي هم؟ ” قال نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، وقال السهيلي رحمه الله ” يؤخذ منه شدة مفارقة الوطن على النفس فإنه صلى الله عليه وسلم سمع قول ورقة أنهم يؤذونه ويكذبونه فلم يظهر منه انزعاج لذلك، فلما ذكر له الإخراج تحركت نفسه لحب الوطن وإلفه.

فقال صلى الله عليه وسلم ” أومخرجي هم؟ ” أى بمعنى هم سيحرجونى من وطنى فأجاب له ورقه بن نوفل، أن نعم سوف يخرجوك من أرضك ووطنك، وقال الحافظ الذهبي، وهو من العلماء المدققين، مُعددا طائفة من محبوبات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنه صلى الله عليه وسلم ” وكان يحب عائشةَ، ويحب أَباها، ويحب أسامةَ، ويحب سبطيه، ويحب الحلواء والعسل، ويحب جبل أحد، ويحب وطنه، وإن لتعلق النبي صلى الله عليه وسلم، بوطنه الذي نشأ وترعرع فيه ووفائه له وانتمائه إليه، فقد دعا ربه لما وصل المدينة أن يغرس فيه حبها فقال صلى الله عليه وسلم ” اللهم حبب إلينا المدينةَ كحبنا مكةَ أو أشد” رواه البخاري ومسلم، وقد استجاب الله تعالى دعاءه، فكان يحب المدينة حبا عظيما.

وكان يسر عندما يرى معالمها التي تدل على قرب وصوله إليها، فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر، فأبصر درجات المدينة، أوضع ناقته أي أسرع بها وإن كانت دابة حركها ” فقال أبو عبدالله، زاد الحارث بن عمير عن حميد “حركها من حبها ” رواه البخاري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *