الدكروري يكتب عن الجانب الوجداني والمشاعر الإنسانية

بقلم  محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل أبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، أما بعد، اعلموا يرحمكم الله أن هناك باب عظيم من أبواب العلم قد هجره الناس، وابتعدوا عنه وبالتالي وقعوا في المأثم والمغرم لأنهم تصوروا أن الأصل في البيع والشراء هو الحل على كل حال، وليس الأمر كذلك، فقد أتانا الشرع ببيوع كثيرة محرمة يقع فيها الناس، ولذلك كان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدخل السوق.

فإذا وجد بائعا لا يفقه كيف يبيع ويشتري علاه بالدرة، وقال له تعلم، من لم يتعلم ذلك الفقه وقع في الربا شاء أما أبى، وهكذا كان يفعل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وغير واحد من مسئولي الأمة في صدرها الأول كانوا يفعلون ذلك مع الباعة والمشترين في الأسواق، كانوا يحملونهم على أن يتعلموا كيف يبيعون وكيف يشترون، وهذا باب من أبواب العلم الذي قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام “طلب العلم فريضة على كل مسلم” وقال عليه الصلاة والسلام من حديث النعمان بن بشير في الصحيحين وغيرهما ” الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات” وكثيرا ما تقع الشبه في البيع والشراء، فلا يدري البائع كيف يبيع، ولا كيف يشتري المشتري، وبالتالي يدخل المرء السوق فيقع في المأثم ويخرج بالمغرم.

وهو يظن أنه قد باع واشترى، وهو في حقيقة الأمر ليس عند الله كذلك، بل دخل ليتحمل من الآثام والأوزار ما الله تعالى به عليم، ولذلك جعل الله تبارك وتعالى للبيع والشراء آدابا، وأحكاما وأخلاقا، أما الجانب الوجداني والمشاعر الإنسانية، فقد اتصف بها خير البرية صلى الله عليه وسلم، فقد كان يفرح ويظهر مشاعر الفرح عند المسرّات وعند المواقف المفرحة، وكذا يظهر مشاعر الحزن والأسى والبكاء عند الآلام، وكذلك فكان صلى الله عليه وسلم يظهر فرحه بالتوبة على أصحابه، فها هو وجهه الكريم صلى الله عليه وسلم يستنير مِن الفرح والسرور، عندما يتوب الله تعالى على الثلاثة المخلفين، فقد فرح صلى الله عليه وسلم بتوبة كعب بن مالك رضي الله عنه فرحا شديدا، حكاه كعب فقال، فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرّ استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه” رواه البخارى ومسلم، والذي يتأمل الحروب التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجد أنها لم تكن عدوانا ولا فرضا لسطوته، ولا ظلما لأعدائه، بل كانت تحمل في طياتها الرحمة والإنسانية، وتتمثل الإنسانية الحانية في ذلك المشهد الذي يفيض رحمة ورفقا، ومع كل ذلك كان لا يفتأ عليه السلام أن يقول “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” فلم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم العبوس والتكشير، وإنما كان صلى الله عليه وسلم بسّاما، فعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رجلا أفطر في شهر رمضان، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا، فقال إني لا أجد، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق تمر، فقال ” خذ هذا فتصدق به” فقال يا رسول الله، ما أحد أحوج مني، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت ثناياه، ثم قال ” كُله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *