الدكروري يكتب عن محاسن دين الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على نعمة الصيام والقيام، وأحمد الله واشكره، فإليه المرجع وإليه المآب، واشهد أن لا إله إلا هو، ولقد جعل الله النهار والليل آية لأولي الألباب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد اتقوا الله ربكم حق تقاته، واشكروه على ما أنعم عليكم من النعم، واعبدوا واحمدوا الله، واعرفوا قدر النعم التي أنعمها الله عليكم، واحمده على منه عليكم بمواسم الخيرات والتي تتكرر كل عام، واستغلوا الشهر وتوبوا لله توبة نصوحا، ولا تموتن إلا وأنتم مؤمنون ثم أما بعد إن الله سبحانه وتعالي فرض الأخوة بين المؤمنين، وجعلهم بنعمته إخوانا وهذه الأخوة تقتضي بينهم الإحسان، والإحسان درجات وأنواع، ومن إحسان المسلم إلى المسلم، ومما جاءت به شريعة الإسلام هو تطييب الخواطر، وإن أكثر ما يدخل الجنة التقوى وحسن الخلق.

وتطييب النفوس المنكسرة وجبر الخواطر من أعظم أسباب الألفة والمحبة بين المؤمنين، وهو أدب إسلامي رفيع، وخلق عظيم لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النبيلة، فيا أيها الأحباب إن الحياة مليئة بما يجبر خواطر الأخرين وإن أبواب جبر الخواطر عديدة نذكر منها على سبيل المثال المواساة عند فقد الأحبة، والإعتذار للآخرين، وقبول إعتذار المعتذرين، وتبادل الهدايا، والإبتسامة، وقضاء حوائج الناس، وزيارة مريض والدعاء له فهي تبعث في نفسه الأمل وتهون عليه رحلة الابتلاء، وفهم النفسيات، وإخفاء الفضل والمنة عند جبر الخواطر، ومد يد العون والمساعدة لإنسان في موقف صعب أو في مشكلة معضلة، وإذا رأيت بائعا متجولا في وجه الحر على قدميه يطلب الرزق الحلال فاجبر خاطره واشتري منه.

واجبر خاطر اليتامى امسح على رؤوسهم تفقد أحوالهم تكن مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وإياكم وكسر الخواطر فإنها ليست عظاما تجبر بل هي أرواح تقهر، وقد جاءت هذه الشريعة بما يطيب النفوس، واستحبت التعزية على سبيل المثال لأهل الميت، لتسليتهم ومواساتهم، وتطييب خاطرهم، عند فقد ميّتهم، وكذلك يطيب خاطر المطلقة بالتمتيع، وهو حق على المحسنين، متاعا بالمعروف، فإذا لم يفرض لها مهر كان المتاع والتمتيع واجبا على المطلق، وإذا كان لها مهر أخذته، فإن تمتيعها بشيء تأخذه معها وهي ترتحل من مال غير المهر، أو ثياب، أو حلي، ونحو ذلك جبرا لخاطرها، وتطييبا للقلب المنكسر بالطلاق، لأن القلب قد حصل فيه انشعاب، والنفس قد كسرت وكسرها طلاقها.

فجبر الكسر بالمتاع من محاسن دين الإسلام، لا كأخلاق أهل هذا الزمان الذين أدى بهم غياب العقل إلى إحداث حفلات للطلاق، وكما أقرت الدية في قتل الخطأ لجبر نفوس أهل المجني عليه، وتطييبا لخواطرهم، وكما قال ابن قدامه رحمه الله وكان من توجيهات الله عز وجل لرسوله المصطفي صلي الله عليه وسلم ” فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر” فكما كنت يتيما يا محمد فآواك الله، فلا تقهر اليتيم، ولا تذله، بل طيب خاطره، وأحسن إليه، وتلطف به، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك، فنهى الله عن نهر السائل وتقريعه، بل أمر بالتلطف معه، وتطييب خاطره، حتى لا يذوق ذل النهر مع ذل السؤال، وهذا أدب إسلامي رفيع، وهذا مع المحتاجين، وليس مع المتحايلين الكذابين.