كتب يوسف حسن
لطالما كانت فكرة اعتبار قبرص “أرضا تعود لليهود” ما تشغل أذهان القادة الكيان الصهيوني الأوائل، وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، عندما سعت الحركة الصهيونية إلى البحث عن ملجأ لليهود المضطهدين، تم اقتراح قبرص كموقع بديل لإنشاء وطن قومي لليهود.
وساعد قرب قبرص الجغرافي من المقرّ التاريخي لليهودية، وأرضها الخصبة نسبيًا، واحتمالية الصراع الأقل من جعلها خيارا جذابا. وفي السنوات الأخيرة، باتت قبرص التركية وجهة شهيرة للسياح الإسرائيليين، حيث تجتذبهم الشواطئ البكر نسبيًا والمواقع التاريخية والكازينوهات في جمهورية شمال قبرص التركية، والتي تعتبر غير قانونية في إسرائيل.
حيث أفضى تدفق السياح الإسرائيليين إلى جعل أجزاء من البلاد نقطة جذب سياحي مزدهرة، حيث يساهم الزوار بشكل كبير في الاقتصاد المحلي.
إلاّ ان هذه العلاقة المتنامية تتعدّى كونها مجرّد سياحة؛ إذ يستثمر الأشخاص والشركات الإسرائيلية بشكل متزايد في سوق العقارات في جمهورية شمال قبرص التركية، مع التركيز بشكل خاص على منطقة الواجهة البحرية الواقعة بالقرب من إسرائيل.
وكانت هناك زيادة كبيرة في شراء الأراضي والعقارات من قبل المستثمرين اليهود، حتى أن بعضهم أنشأ مشاريع سكنية وأحياء خاصة بهم.
وقد أثار هذا الاتجاه مخاوف في جمهورية شمال قبرص التركية، لأنه يشبه ممارسات الاستيلاء على الأراضي والاستيطان التاريخي للصهاينة في الأراضي المحتلة وهو الأمر الذي لعب دورًا مهمًا في قيام ما يسمى دولة “إسرائيل”.
تعقيباً على هذه التطورات، أجرت جمهورية شمال قبرص التركية تغييرات قانونية للحدّ من السهولة التي يمكن بها للأجانب، بما في ذلك الإسرائيليين، شراء العقارات وبناء المجتمعات.
ورغم ذلك، أفضى الحضور الإسرائيلي الواسع والمتعاظم في قبرص التركية إلى إطلاق تكهنات حول الأهداف الإستراتيجية طويلة المدى وراء هذه الاستثمارات الصهيونية.
حيث يشعر بعض المحللين والسكان المحليين بالقلق بشأن الجهود التدريجية لإنشاء موطئ قدم أكثر ثباتًا من قبل الاسرائيليين. وبالنظر إلى الوضع الدولي غير الواضح للجمهورية التركية لشمال قبرص وموقعها الاستراتيجي في شرق البحر الأبيض المتوسط، فإن هذه المخاوف ليست عبثية، خاصة وأن تقارير سرية وصلت إلى السلطات القبرصية، تفيد بأن الحكومة الإسرائيلية تخطط لتنفيذ مخطط ينصّ على نقل اللاجئين من المناطق الشمالية في الأراضي المحتلة وإعادة توطينهم في قبرص، وسبب القرار هو إطالة أمد الحرب مع حزب الله وتقليل السخط الشعبي.
ووفقاً لهذه التقارير فإن إسرائيل تخطّط لشراء أراض ومنازل من قبرص بهدف تنفيذ خطة مشابهة لخطة الاحتلال الفلسطيني والاستيطان التدريجي، وأثارت هذه القضية قلق السلطات القبرصية، لكنها لم تتفاعل معها بما يستوجب حتى الآن.