إشباع الأبناء من الغذاء الروحي

بقلم  محمـــد الدكـــروري

الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، إن الغيور ليتساءل كيف لأب أنيطت به أمانة عظيمة ينام قرير العين، ويكتحل بالنوم ملء جفنيه وأبناؤه خارج منزله، بل ربما بناته وزوجاته ؟ فقولوا لي بربكم أي أب هذا ؟ وأي تربية تلك ؟ ألا ترون أن ذلك الأب يحتاج إلى أدب وتربية، بلى ولذا قال الله تعالى ” ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذن أبدا ” فنعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، ومن الظلام بعد النور.

فلا بد من رعاية الشباب والناشئة حتى يكونوا نواة صالحة لدينهم ومجتمعهم ولبنة بناء لعقيدتهم وأمتهم، فاتقوا الله معشر العباد وإحفظوا وصية الله لكم في الأولاد وتذكروا موقفكم يوم المعاد ” يوم لا يغني مولي عن مولي شيئا ولا هم ينصرون ” فأنتم مسؤولون عن إنحراف الشباب ومحاسبون عن تربيتهم أمام رب الأرباب، ألا فاعلموا أيها الشباب أن التفحيط والتنطيط وإيذاء الناس والمارة، والتجمعات الشبابية والتحزبات الهمجية والحركات اللا منهجية، لو كانت كل تلك المهازل والمفاسد رفعة في الدرجات وزيادة في الحسنات، والله لما سبقتم إليها العلماء والعقلاء والفضلاء والنبلاء، ولكنها إنحطاط في الخلاق ونقيصة في الأدب وعيب في التربية، ومثلبة في الرجولة فمن هو العاقل الذي يرضى لنفسه بالسفول وضياع الأخلاق.

وأن ينظر الناس إليه بعين الإزدراء والإستهزاء، بل ربما أدت تلك الأخلاق السيئة والإنحرافات المشينة، أقول ربما أدت إلى قطع الصلات مع الله، ومع عباد الله، وإن من أهم حقوق الطفل في إسلامنا العظيم هو حقه في التربية، وأساس التربية أن نرعى فيه من أيامه الأولى بذرة “لا إله إلا الله محمد رسول الله” صلى الله عليه وسلم، التي جعلها الله تبارك وتعالى في فطرة كل مولود، فكل مولود يأتي إلى دنيا الناس مسلما موحدا، يأْتي محبا لله ولرسوله، وعلى الأبوين رعاية تلك الفطرة، فإنسجام الأبوين داخل الأسرة وتعاملهما بما أمر الله ورسوله في كل شأن من شؤون الحياة وهو الطريق التي يسلكها الطفل خلف أبويه، وهذا حقه على والديه، فمن حقه أن يجد المودة والرحمة قائمتين في البيت.

ومن حقه أيضا أن يجد توجيهه نحو الخير والصلاح، ومن حقه كذلك أن يرى حمايته من كل شر وافد، أن يكون في حصن الخلق الرفيع لأننا نعيش في زمن كثرت فيه وسائل الإعلام الفاسدة والمفسدة، المخربة للأخلاق بشاشاتها الواردة من كل حدب وصوب، فماذا نفعل لنحمي أبناءنا من هولها؟ وإن الملاذ هو التمسك بهذا الدين، هو إشباع الأبناء من الغذاء الروحي، هو أن نحصنهم بدقة تعاملنا بشرع الله أمامهم، بأن يعيشوا الألفة والمحبة الأسرية حتى نقيهم الشرور المحيطة، وهذا حقهم علينا، ومن حقهم علينا أيضا أن ندعو لهم، أن نبتهل إلى الله في كل حين أن يهديهم سبيله القويم، أن يجمعنا وإياهم على البر والتقوى، أن يعيدوا مجدنا، أن يبنوا عزة الإسلام والمسلمين، وكل ذلك على الله يسير، فلنستقم على شرع الله، ولنكن جميعا على صراط الله، ولنحم أسرنا في حصن الله، نضمن بهجة الحياة الدنيا والفوز والفلاح في حياتنا الأخرى