إتقوا الخمر فإنها أم الخبائث

بقلم  محمـــد الدكـــروري

الحمد لله منشيء الموجودات وباعث الأموات وسامع الأصوات ومجيب الدعوات وكاشف الكربات، عالم الأسرار، وغافر الأوزار ومنجي الأبرار ومهلك الفجار ورافع الدرجات، الذي علم وألهم وأنعم وأكرم وحكم وأحكم وأوجب وألزم “وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات” وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو علي كل شيء قدير، يا من له علم الغيوب ووصفه ستر العيوب وكل ذاك سماح أخفيت ذنب العبد عن كل الورى كرمل فليس عليه ثمّ جناح، فلك التفضل والتكرم والرضا أنت الكريم الواهب الفتاح، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم، نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم.

أنت النبي الذي ترجى شفاعته عند الصراط إذا ما ذلت القدم، أنت البشير النذير المستضاء به وشافع الخلق إذ يغشاهم الندم، وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وإقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “إن الحشيشة حرام، يحد متناولها كما يحد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر، من جهة أنها تفسد العقل والمزاج، حتى يصير في الرجل تخنث ودياثة، وغير ذلك من الفساد، وأنها تصد عن ذكر الله ” ومن أعظم مضار المسكرات والمخدرات، أنها تفسد العقل والمزاج، وما قيمة المرء إذا فسد عقله ومزاجه؟ يتعاطى المسكرات والمخدرات، فيرتكب الآثام والخطايا، وما يندم عليه حين يصحو، ولات ساعة مندم، ولقد روى القرطبي رحمه الله في تفسيره، أن أحد السكارى جعل يبول.

ويأخذ بوله بيديه ليغسل به وجهه وهو يقول اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، فقال الضحاك بن مزاحم رحمه الله لرجل ما تصنع بالخمر؟ قال يهضم طعامي، قال أما إنه يهضم من دينك وعقلك أكثر، وقال الحسن البصري رحمه الله لو كان العقل يشترى، لتغالى الناس في ثمنه، فالعجب ممن يشتري بماله ما يفسده، فيا أيها الناس في بلاد المسلمين كثرت حوادث المخدرات من مروجين ومدمنين، وكثرت الجرائم بتعاطيها وأصبحت مكافحة المخدرات قضية تشغل الحكومات المختلفة، وكل هذا يتم في غياب وازع الإيمان، فاتقوا الله أيها المسلمون، واتقوا المسكرات المخدرات، واتقوا الخمر فإنها أم الخبائث، فقد أخرج النسائي وابن حبان في صحيحه، أن عثمان رضي الله عنه قام خطيبا فقال “أيها الناس، اتقوا الخمر فإنها أم الخبائث.

وإن رجلا ممن كان قبلكم من العباد، كان يختلف إلى المسجد، فلقيته امرأة سوء، فأمرت جاريتها فأدخلته المنزل، فأغلقت الباب، وعندها باطية من خمر، وعندها صبي، فقالت له لا تفارقني حتى تشرب كأسا من هذا الخمر، أو تواقعني، أو تقتل الصبي، وإلا صحت، تعني صرخت، وقلت دخل علي في بيتي، فمن الذي يصدقك؟ فضعف الرجل عند ذلك وقال أما الفاحشة فلا آتيها، وأما النفس فلا أقتلها، فشرب كأسا من الخمر. فقال زيديني، فزادته، فوالله ما برح، حتى واقع المرأة وقتل الصبي” قال عثمان رضي الله عن “فاجتنبوها، فإنها أم الخبائث، وإنه والله لا يجتمع الإيمان والخمر في قلب رجل، إلا يوشك أحدهما أن يذهب بالآخر