إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” لو تركنا هذا الباب للنساء ” أي باب المسجد الذي أشار النبي صلي الله عليه وسلم للنساء، لكان خيرا وأحسن لئلا تختلط النساء بالرجال في الدخول والخروج من المسجد، وهذا فيه فائدة تربوية، فالأمور التي كان النبي صلي الله عليه وسلم يختارها رفقا بالناس، ولا يريد التشديد عليهم بها فإنه يستخدم أسلوب لو، وهذا أسلوب جميل في الطلب خاصة لو كان الأمر غير ملزم، وفيه أدب وذوق، وعن أبي حذيفة عن حذيفة قال.
” كنا إذا حضرنا مع النبي صلي الله عليه وسلم طعاما لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلي الله عليه وسلم ” رواه مسلم، وفيه بيان هذا الأدب وهو أنه يبدأ الكبير والفاضل في غسل اليد للطعام وفي الأكل، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الجذع “إن هذا بكى لما فقد من الذكر” فإذا كان الجماد يفقد الذكر والقرآن وصحبة الصالحين فلا شك أن قلوب المؤمنين أيضا تضيق وتحزن، وأماعن أهل الجنة، فإن أهل الجنة في نعيم مقيم، تعرف في وجوههم نضرة النعيم، فهم شباب فلا هرم وصحة فلا سقم وخلود فلا موت، فهذه هي الجنة ولعلكم تتساءلون بعد هذا ما الطريق إلى الجنة؟ فأقول أبشروا كلكم يدخل الجنة، كلكم يدخل الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم، إلا من أبى قيل ومن يأبى يا رسول الله؟
قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى، فاعلم أنك لن تدخل الجنة إلا بمفتاح، ومفتاح الجنة هو لا إله إلا الله وأسنان المفتاح شرائع الإسلام، فمن جاء بمفتاح له أسنان فتح له، ومن جاء بمفتاح بلا أسنان فلا يلومن إلا نفسه، فقال الله تعالى ” فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ” والباء هنا سببية أي بسبب أعمالهم الصالحة بعد رحمة الله تعالى، فيا أخي الكريم إياك أن تكون ممن قال فيهم يحيى بن معاذ الرازي عمل لسراب، قلب من التقوى خراب، وذنوب بعدد الرمل والتراب، ثم تطمع في الكواعب الأتراب، هيهات أنت سكران بغير شراب، فتريد الجنة وأنت تنام عن صلاة الفجر، وتريد الجنة وأنت تأكل الحرام وتشاهد الحرام وتسمع الحرام، فتب من ذنوبك وإبكي على عيوبك وإياك أن تحرم النعيم المقيم في الجنة بلذة ساعة فانية حيث قال الله تعالي ” بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى”
ثم أعلموا عباد الله أن نبيكم صلى الله عليه وسلم مرّ على رجل من أصحابه ومع نبيكم معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه فأخذوا يتذاكرون الدعاء فكان من جملة ما قاله ذلك الصحابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه “أما وإني لا أحسن دندنتك ولا دندنت معاذ ولكنني أسأل الله الجنة وأستعيذ به من النار” فقال صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال ” حولها ندندن” أي ما تسأله الله جل وعلا هو ما نسأله أنا ومعاذ إياه، فيا أيها المؤمنون قد يظن البعض أن الحديث عن الجنة أمر تقليدا مكررا تكاد تسأمه بعض النفوس ولا ريب أن هذا خلاف الفطرة وخلاف هدي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهل أرّق الصالحين وأقض مضاجع المتقين إلا أنهم يخافون أن يمنعوا من دخول الجنة وهل عاش الأنبياء والمرسلون وأتباعهم من الأخيار.
عبر الدهور والعصور إلا وهم يسألون الله جل وعلا أن يدخلهم الجنة وهل خير صلى الله عليه وسلم عند موته حتى يتسنى له البقاء والخلد في الدنيا بأعظم من أن يقال له الخلد في الدنيا ثم الجنة فإختار صلى الله عليه وسلم لقاء ربه ثم الجنة وهل وعد الله جل وعلا عباده الأبرار وأتباعه الأخيار ممن آمن به من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة بعطاء هو أعظم أو أجل من الجنة، وهل عاقب الله جل وعلا أحد ممن عصاه بأعظم من حرمانه من دخول الجنة أعاذنا الله و إياكم من الخذلان والحرمان