بقلم علياء الهواري
في خطوة جديدة تكشف عن استراتيجية إعلامية إسرائيلية تتعمد تشويه صورة مصر على الساحة الدولية، يظهر مسلسل إسرائيلي جديد يحمل في طياته هجومًا مستمرًا على دور مصر الإقليمي. وبالرغم من أن الدراما ليست إلا وسيلة للترفيه، إلا أن استخدام وسائل الإعلام كأداة سياسية يُظهر بوضوح رغبة إسرائيل في تقويض مكانة مصر الإقليمية. هذا الهجوم جاء بالتزامن مع سلسلة من التحركات السياسية والاقتصادية التي تقوم بها القيادة المصرية، والتي تركز بشكل رئيسي على تنمية سيناء وتأمين الحدود الشرقية، وهو ما أثار قلقًا كبيرًا لدى بعض الأطراف الإسرائيلية، التي ترى أن هذه التحركات قد تحد من نفوذها في المنطقة.
المسلسل الإسرائيلي الجديد يتعمد تقديم صورة مشوهة عن مصر، حيث يركز على تصوير البلاد بشكل سلبي، وينقل أفكارًا مغلوطة عن السياسة المصرية ودورها في قضايا المنطقة. الهجوم على مصر لا يقتصر فقط على الدراما، بل يشمل أيضًا تقارير إعلامية ودعوات لتوجيه مزيد من الضغوط السياسية على القيادة المصرية. هذه الحملة تأتي في وقت حساس، حيث تسعى مصر لتوسيع دورها الإقليمي من خلال عدة مبادرات، خاصة في مجال الأمن والتنمية في سيناء، وهي المنطقة التي طالما كانت تحت الأنظار الإسرائيلية بسبب قربها من الحدود.
تتمثل إحدى أبرز تلك المبادرات في خطة تنمية سيناء، التي تشمل مشروعات ضخمة تهدف إلى تحويل هذه المنطقة من موضع قلق أمني إلى نموذج اقتصادي واجتماعي. لكن هذه الخطوات تثير قلقًا بالغًا لدى بعض الأطراف الإسرائيلية التي ترى في تطور الأوضاع في سيناء تهديدًا محتملاً لمصالحها
بينما يركز الإعلام الإسرائيلي على مهاجمة مصر، يظهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب باعتباره شخصية محورية في رسم ملامح السياسة الدولية. ترامب الذي انسحب من العديد من الاتفاقيات الدولية خلال فترة رئاسته، وظهر بمواقف أكثر عدائية تجاه العديد من القوى العالمية، لا يزال يثير الجدل بطموحاته التوسعية التي لا تخلو من الطموح الإمبراطوري.
طموحات ترامب تشمل دولًا ومناطق متعددة، من كندا إلى جرينلاند، وصولًا إلى خليج المكسيك وقناة بنما. يبدو أن ترامب لا يزال يحمل في ذهنه فكرة السيطرة على مزيد من الأراضي والنفوذ في العالم، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول توجهات السياسة الأمريكية المستقبلية في حال عودته إلى الساحة السياسية. هذه الطموحات التوسعية تعيدنا إلى فكر العصور الوسطى، حيث كانت الإمبراطوريات تحلم بالسيطرة على مساحات جغرافية شاسعة، وتفرض سلطتها بالقوة على دول أخرى.
في خضم هذه التحركات، لا تزال مصر تواصل جهودها لتحقيق الاستقرار الإقليمي وتنمية قدراتها الاقتصادية والعسكرية. فمصر، تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تتبع سياسة مستقلة، تهدف إلى تعزيز دورها في المنطقة من خلال التحالفات الإستراتيجية مع دول الخليج والعالم العربي، وكذلك تعزيز علاقاتها مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا. هذه السياسة المستقلة تتسبب في قلق بالغ لدى بعض القوى التي ترى أن مصر قد تشكل تحديًا لهيمنتها الإقليمية، سواء كانت إسرائيل أو الولايات المتحدة.
في الوقت الذي تستمر فيه الحملات الإعلامية الإسرائيلية ضد مصر، نجد أن المنطقة العربية والعالم بأسره أمام مفترق طرق. طموحات ترامب التوسعية تُعيدنا إلى أساليب الإمبراطوريات القديمة التي سعت إلى فرض سيطرتها على الشعوب بالقوة. وفي هذا السياق، تبرز مصر كداعم رئيسي للاستقرار الإقليمي، في الوقت الذي تواجه فيه محاولات لزعزعة استقرارها من الداخل والخارج.
فهل ستظل مصر قادرة على مواجهة هذه التحديات، وتثبيت مكانتها كداعم رئيسي للأمن والتنمية في المنطقة؟ وهل ستنجح في إبعاد أي محاولات إسرائيلية لتشويه صورتها؟ هذه الأسئلة تظل مفتوحة، في وقت تزداد فيه التحديات السياسية والعسكرية على الساحة الدولية.