الحمد لله رب العالمين جعل الرفعة لعباده المتواضعين، والذل والصغار على المتكبرين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن رحلة الإسراء والمعراج، وفي طريق المعراج تعددت المشاهد، وتنوعت الآيات، ومن هذه المشاهد تظهر امرأة جميلة متبرجة بكل أنواع الزينة، حاسرة على ذراعيها تنادي يا محمد، انظرني أسألك، فلم يلتفت إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سار ما شاء الله له أن يسير، فقال جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم أما سمعت شيئا في الطريق؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “بينما أنا أسير إذا بامرأة حاسرة على ذراعيها عليها من كل زينة خلقها الله.
تقول يا محمد، انظرني أسألك، فلم أجبها، ولم أقم عليها، قال جبريل تلك الدنيا، أما أنك لوأجبتها، لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة، وأما الشيء الذي ناداك من جانب الطريق، فهو إبليس، ثم قدّم جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إناءين في أحدهما خمر، وفي الآخر لبن، وقال له اختر ما شئت، فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم إناء اللبن فشربه، وأعرض عن الخمر، ولم تكن لخمر قد حرمت في الإسلام حينئذ، فلما اختار الرسول صلى الله عليه وسلم اللبن قال له جبريل هديت إلى الفطرة، ولو شربت الخمر لغويت وغويت أمتك، فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “الله أكبر الله أكبر، اختار اللبن بدلا من الخمر الذي يذهب العقل، ويدمر الجسم، ويفسد الإرادة، ويتلف البدن، والأدهى من ذلك كله أنه يوقع العداوة والبغضاء بين الناس.
فلما شربه صلى الله عليه وسلم، فقد آثر الصالح على الفاسد، وهذه سنة الله تعالى التي فطر الله الناس عليها، وهي سنن دائمة الوجود باقية بقاء الدنيا لِما فيها من نفع للناس أجمعين ولذا فقد قال له جبريل عليه السلام “هديت إلى الفطرة” ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند بيت المقدس، وصلى بالأنبياء إماما، وربط البراق بحلقة باب المسجد، ثم عرج به في صحبة جبريل عليه السلام وفي السماء الدنيا، وقد التقى بأبونا آدم عليه السلام، فتبادلا السلام والتحية، ثم دعاآدمله بخير، وقد رآه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم جالسا وعن يمينه وشماله أرواح ذريته، فإذاالتفت عن يمينه ضحك، وإذا التفت عن شماله بكى، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، جبريل عليه السلام عن الذي رآه، فذكر له أن أولئك الذين كانوا عن يمينه هم أهل الجنة من ذريته، فيسعد برؤيتهم.
والذين عن شماله هم أهل النار، فيحزن لرؤيتهم، ثم صعد السماء الثانية ليلتقي بأنبياء الله تعالى عيسى ويحيى عليهما السلام، فاستقبلاه أحسن استقبال، وقالا له “مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح” وفي السماء الثالثة رأى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أخاه يوسف عليه السلام، وسلم عليه، وقد وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله” أنه أعطي شِطر الحسن” رواه مسلم، ثم التقى بأخيه إدريس عليه السلام، في السماء الرابعة، وبعده نبى الله هارون عليه السلام، في السماء الخامسة، ثم صعد جبريل بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى السماء السادسة لرؤية أخيه موسى عليه السلام، وبعد السلام عليه بكى نبى الله موسى عليه السلام، فقيل له “ما يبكيك؟”
فقال عليه السلام “أبكي لأن غلاما بُعث بعدي، يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي” ثم كان اللقاء بخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، في السماء السابعة، حيث رآه مُسندا ظهره إلى البيت المعمور وهى كعبة أهل السماء، الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة لايعودون إليه أبدا، وهناك استقبل الخليل إبراهيم عليه السلام رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ودعا له ثم قال يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر “رواه الترمذي