عدم الوفاء والغدر بالمسلمين

بقلم محمـــد الدكـــروري

الحمد لله ولي من اتقاه، من اعتمد عليه كفاه، ومن لاذ به وقاه، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وحبيبه وخليله ومصطفاه، صلى الله وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته واهتدى بهداه، أما بعد لقد حذرنا الإسلام من خيانة الأمانة، وتندرج خيانة الأمانة تحت بند عدم الوفاء والغدر بالمسلمين، فقد أمر الله تعالى في كتابه الكريم بأداء الأمانة والمحافظة عليها، وحذَّر المسلمين من تضييعها، وقد أشار ابن كثير إلى أن الآية أمرت أداء مختلف أنواع الأمانات ولكنها في أداء الودائع والمحافظة على حقوق الناس أشد زجرا وأكثر تأكيدا، وكما أن من أنواع الخيانات هي الخيانة الزوجية، ولا شك أن الخيانة الزوجية من الخيانات التي لا يقبلها الإسلام، حيث يقوم أحد الزوجين بالغدر بالآخر.

بعد الميثاق الغليظ الذي تزوجا عليه، فقد تصدر الخيانة الزوجية من الزوج أو الزوجة في الأسرة وبصور عديدة مثل إفشاء الأسرار بين الزوجين، وهدر أموال الشريك من دون علمه أو من دون رضاه، وإدخال الناس إلى البيت دون علم أو رضا الزوج، وعدم صيانة بيت الزوجية من قبل الزوجة، وإقامة العلاقات مع الغرباء وتفضيلهم على الشريك والتحدث معهم أو تبادل الرسائل، وتبقى تلك الخيانات رغم شناعتها أخف وطأة من الخيانة الجسدية إذا ما قام بها أحد الزوجين، فهي أسوأ الخيانات الزوجية وأشدها تأثيرا في الحياة الزوجية، ولا ترقى عقوبة بقية الخيانات الزوجية إلى عقوبة الخيانة الجسدية، وكما أن من أنواع الخيانات هي خيانة العلم حيث أن خيانة العلم لا تقتصر في الإسلام على طلبة العلم أو على الناس العاديين، بل تشمل أيضا العلماء أنفسهم.

بمختلف أنواع العلوم التي يدرسونها، وهي عند العلماء أشد وأشنع وأعظم إثما، ومن أهم المظاهر والصور التي تتجلى بها خيانة العلم هو تحريف كلام الله، ومحاولة الإلتفاف على الفرائض التي فرضها على عباده، أو تحريف كلام أهل العلم، وهذه تعد خيانة للعلم ولله ولرسوله قبل ذلك، ومن مظاهر خيانة العلم خوض المسلم في ما ليس له به علم، وقد حذر الله تعالى من ذلك، لأن الشخص قد يضل الناس بكلامه ويبعدهم عن الطريق الصحيح، بالإضافة إلى التوسع بالعلوم من أجل المباهاة والمفاخرة ومجادلة العلماء وغيرهم، ولفت إنتباه الناس والتعالي عليه للحصول على الشهرة، وكتم المعرفة والعلم الذي يحتاج إليه الناس، وكما أن من أنواع الخيانات هي خيانة العمل ولقد جعل الله تعالى مسألة العمل المكلف به المسلم من الأمانات الثقيلة التي يجب عليه أداؤها على أكمل صورة.

ولا بد أن يكون كل فعل أو تقصير يؤدي إلى الإخلال بأداء ذلك العمل من خيانة العمل في الإسلام، ومن أبزر مظاهر خيانة العمل في الإسلام هو الإستهتار بأداء العمل، وعدم الإلتزام بالوقت الكامل المخصص للعمل كالخروج منه قبل إنتهاء الدوام، أو القدوم إلى العمل في وقت متأخر، وعدم المحافظة على أموال رب العمل، وممارسة الغش على الناس وخداعهم لبيع السلع الفاسدة مثلا، والحصول على الأموال من طرق مشبوهة، وعدم أداء العمل على أكمل وجه كما يريد صاحب العمل وكما ينص عليه الإتفاق بين العامل وصاحب العمل، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم