إنشق له القمر ونبع الماء من بين أصابعه

بقلم  محمـــد الدكـــروري

الحمد لله، لا مانع لما أعطاه ولا رادّ لما قضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معبود بحق سواه، وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله ومصطفاه صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فسبحانه وتعالي القائل ” فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون ” ثم أما بعد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون، ليهلكن، فأنزل الله عز وجل ” أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ” وهي أول آية نزلت في القتال، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعا وعشرين غزاة، قاتل منها في تسع وهم غزوة بدر، وأحد والريسيع والخندق وقريظة وخيبر والفتح وحنين والطائف.

وكما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستا وخمسين سرية، ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع، فالأولى عمرة الحديبية التي صدّه المشركون عنها والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة عمرته مع حجته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون، أي أبيض بياضا مشربا بحمرة، أشعر، أدعج العينين، أي شديد سوادهما، أجرد، أي لا يغطي الشعر صدره وبطنه، ذو مسربه، أي له شعر يكون في وسط الصدر والبطن، وكان صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهم طبعا وأكرمهم عشرة، فقال تعالى ” إنك لعلي خلق عظيم ” وكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس وأعف الناس وأكثرهم تواضعا.

وكان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، يقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها، ولا يغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه، وكان صلى الله عليه وسلم يأكل ما وجد، ولا يد ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضره، وكان لا يأكل متكئا ولا على خوان، وكان يمر به الهلال ثم الهلال ثم الهلال، وما يوقد في أبياته صلى الله عليه وسلم نار، وكان صلى الله عليه وسلم يجالس الفقراء والمساكين ويعود المرضى ويمشي في الجنائز، وكان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقا، ويضحك من غير قهقهة، وكان صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، وقال ” خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ” وقال أنس بن مالك رضي الله عنه خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لشيء فعلته لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله، ألا فعلت كذا.

وما زال صلى الله عليه وسلم يلطف بالخلق ويريهم المعجزات، فانشق له القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وحنّ إليه الجذع، وشكا إليه الجمل، وأخبر بالغيوب فكانت كما قال، وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس كافة ” متفق عليه، وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” أنا أول الناس يشفع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة ” وفي أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع “