أسمى المراتب التي يصل إليها الإنسان

بقلم محمـــد الدكـــروري

الحمد لله ولي المتقين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا أما بعد اعلموا يرحمكم الله أن من علو قدر النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم عند ربه أن الله تعالى لا يخاطبه باسمه وإنما يخاطبه بوصف النبوة والرسالة بقوله تعالي ” يا ايها النبي ” أو قوله تعالي ” يا أيها الرسول ” وإنما ذكر أسمه الشريف في خمسة مواضع من القرآن الكريم جاءت بصيغة الإخبار لا الإنشاء، حيث قال تعالى ” محمد رسول الله ” وكما قال تعالي ” ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد ” ولكن في آية الإسراء وصفه بوصف آخر، ألا وهو وصف العبودية، وحكمة ذلك والله اعلم أن الإنسان الذي أسري به هو بشر مثلكم وهو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

وليخبرنا الله تعالى لو أن نبيكم رفع إلى السماء أو مشى على الماء أو طار في الهواء فهو عبد يتشرف بنسبته إليّ، ولا ينبغي لأحد أن يتعالى ويدّعي مقاما فوق الخلق فلا تضل به أمته فتجعله إلها يعبد حاشاه عن ذلك، كما ضلت أمة المسيح حيث ادّعته إلها، وليثبت لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أن العبودية له هي أسمى المراتب التي يصل إليها الإنسان فالعبودية لله عزة ما بعدها عزة وعطاء ما بعده عطاء، إذن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفت أنظارنا إلى أن العبودية له هي أعلى وسام ينعم الله به على الفرد، فقال الله تعالى ” ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا ” وقال عن نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام ” إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب ” وألا ترى أنه لما ذكر نبي الله موسى عليه السلام عند المناجاة باسمه فقال تعالي.

” ولما جاء موسي لميقاتنا وكلمه ربه ” وقال أبو حيان لو كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم اسم أشرف منه لسماه به في تلك الحالة، وقال ابن عجيبة أن العبودية أشرف الحالات وأرفع المقامات، بها شرف بها من شرف وإرتفع من إرتفع، عند الله، وما خاطب الله أحبّاءه إلا بالعبودية، فقال تعالى ” سبحان الذي أسري بعبده ليلا ” وقال تعالي ” واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب ” وقال تعالي ” وإذكر عبدنا داوود ” وقال تعالي ” واذكر عبدنا أيوب ” إلى غير ذلك من الآيات الكريمة، وإن من ذكرى الإسراء والمعراج يجب ألا ننسى أن القدس وديعة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل المسلمين، ففي درج البيان الذي يشرح التاريخ رسالة هامة لكل مسلم وهو أن عليه واجبا نحو البيت المقدس أيا كان موقعه وموضعه، وفحواها أن التاريخ قد سجل منذ أزمان أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد فتحها.

وأن صلاح الدين الأيوبي قد حررها، فسجلوا أنفسكم في ديوان النصر، فإنه قادم لا محالة وقد يبطئ زمنا لكن له موعد قدره ربنا الرحمن سبحانه، فالقدس قدسية إسلامية وهي تمثل في حس المسلمين ووعيهم الإسلامي بأن القدس هو القبلة الأولى فهو أول ما تمثله القدس في حس المسلمين وفي وعيهم وفكرهم الديني أنها القبلة الأولى التي ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتوجهون إليها في صلاتهم منذ فرضت الصلاة ليلة الإسراء والمعراج وظلوا يصلون إليها في مكة، وبعد هجرتهم إلى المدينة، حتى نزل القرآن يأمرهم بالتوجه إلى الكعبة، وكما أن القدس ثالث المدن المعظمة في الإسلام فالمدينة الأولى هي مكة المكرمة، التي شرفها الله بالمسجد الحرام، والمدينة الثانية هي طيبة أي المدينة المنورة، التي شرفها الله تعالي بالمسجد النبوي، والتي ضمت قبره صلى الله عليه وسلم والثالثة مدينة القدس، التي شرفها الله بالمسجد الأقصى