الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من ارسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد إن من فضائل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين هو أن الوحي تنزل في بيوتهن، وإن مما يدل على فضلهن أن الله تعالى جعل بيوتهن منزل للوحي ونور الحكم، وأمرهن بتلاوة ما يتلى عليهن في بيوتهن، لتعليم المؤمنين الخير من الفرائض والأحكام والسنن والحلال والحرام، وإرشادهم إلى فعله، حيث قال الله تعالى كما جاء في سورة الأحزاب ” واذكرن ما يتلي في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا ” ومعني الآية الكريمه أنه يقول الله تعالى ذكره لأزواج نبيه محمد صلي الله عليه وسلم وإذكرن نعمة الله تعالي عليكن.
بأن جعلكن في بيوت تتلى فيها آيات الله والحكمة، فاشكرن الله على ذلك، واحمدنه عليه، وعني بالحكمة ما أُوحي إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم من أحكام دين الله، ولم ينزل به قرآن، وذلك السنة، ومعني قوله وتعالي ” إن الله كان لطيفا خبيرا ” يقول تعالى ذكره إن الله كان ذا لطف بكن إذ جعلكن في البيوت التي تتلى فيها آياته والحكمة، خبيرا بكن إذ اختاركن لرسوله أزواجا” والجدير بالذكر أن مما يدل على جلالة قدر أمهات المؤمنين ورفعتهن، هو أنه أنعم الله تعالى عليهن وإختارهن لإقامة دينه، وخصهن بنزول الوحي في بيوتهن، وأضاف إليهن البيوت إضافة قرار ولزوم، وأمرهن بالعمل بالفرائض والحدود، والأوامر والنواهي، والأحكام والسنن، وتعليم الناس ما ينفعهم من الخير وهذا يحتاج إلى جهد وتحمل وصبر.
وإن من زوجات النبي المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم هي السيدة زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف، وكان يقال لها أم المساكين، لكثرة إطعامها المساكين وصدقتها عليهم، وكانت تحت عبد الله بن جحش، فقتل عنها يوم أحد، وقيل كانت عند الطفيل بن الحارث، وتزوجها رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد السيدة حفصة رضي الله عنهن، ولم تلبث عند رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا يسيرا شهرين أو ثلاثة حتى توفيت، وكانت وفاتها في حياته صلي الله عليه وسلم، وكما أن من فضائل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين هو مضاعفة الأجر لهن، وإن من فضائل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أن أجورهن مضاعفة مرتين، حيث قال الله تعالي كما جاء في سورة الأحزاب ” ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما “
وليس لأحد من النساء مثل فضل نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ولا على أحد منهن مثل ما لله عليهن من النعمة، والجزاء يتبع الفعل والقنوت والطاعة، وإنما ضوعف أجرهن لطلبهن رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسن الخلق، وطيب المعاشرة والقناعة، وتوفرهن على عبادة الله والتقوى، وقد خص الله تعالى أمهات المؤمنين بضعفي ثواب غيرهن، فأمرهن بأفضل الأقوال والأعمال طاعة لله تعالى، ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك لعظم مقامهن، وشرفهن على غيرهن من النساء، ثم وعدهن برزق مقرون بالإكرام والتعظيم يكرمهن الله سبحانه وتعالى به