يوم أعز الله فيه جنده ونصر فيه عبده

بقلم  محمد الدكروري

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أمر بالإجتماع ونهى عن الإفتراق، وأشهد أن لا إله إلا الله الحكيم العليم، الخلاق الرزاق، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، رُفع إلى السماء ليلة المعراج حتى جاوز السبع الطباق، وهناك فرضت عليه الصلوات الخمس بالاتفاق، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين نشروا دينه في الآفاق، ومن تبعهم بإحسان إلي يوم التلاق ثم أما بعد لقد كان فى ثنايا شهر رمضان المبارك كانت ملحمة من ملاحم الإسلام، ويوم من أيامه الجليلة العظام، يوم الفرقان يوم التقى الجمعان، يوم أعز الله فيه جنده ونصر فيه عبده وأذل فيه من عاداه ورفع المنار لمن والاه، ويوم الفرقان، يوم التقى الجمعان، يوم خاضه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثبات واليقين والإيمان، فخاضه مع الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وبوّأهم دار السلام.

ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا ما على وجه الأرض يومها أحب إلى الله منهم، ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا كتبت لهم السعادة وهم في بطون أمهاتهم، ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا نادى عليهم منادي الله يا أهل بدر “اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم” ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا أقدامهم حافية وثيابهم مرقعة بالية، وأحشاؤهم ظامئة خاوية، ولكن قلوبهم نقية زاكية، وهممهم شريفة سامية عالية، إنهم الصحابة الكرام عليهم من الله الرضوان والسلام، فقاد رسول الله صلى الله عليه وسلم جحافل الإيمان، وأتم الله عليهم المحبة والرضا، فقد وقفنا أمام يوم بدر لكى نستلهم العظات والعبر، وقفنا أمام ملحمة الإسلام، واليوم الأول من أيامه العظام، رأينا العبر، رأينا العظات، أعظمها وأجلها أن الإسلام كلمة الله الباقية، ورسالته الخالدة، باقية ما بقى الزمان وتعاقب المكان.

يرفع شعارها ويقدس منارها بعز عزيز وذل ذليل، هذا الإسلام الذى كتب الله العزة لمن والاه، وكتب الذلة والصغار على من عاداه، كلمة باقية ورسالة خالدة زاكية، فما أكثر الدروس وما أعظمها فى هذه الغزوة النبوية الكبرى غزوة بدر الكبرى، فهذه الغزوة وقعت فى شهر رمضان وهذا الشهر الكريم شهر العمل وشهر الصبر والجهاد في سبيل الله، فتتضاعف فيه همة المؤمن ويقرب من ربه الكريم الرحيم وتفتح فيه أبواب الجنان فهو أثمن وأنفس فرصة للمؤمن لكى يضاعف فيها نشاطه وعمله في سبيل الله عز وجل وأكثر المعارك الإسلامية الكبرى فى تاريخ المسلمين وقعت في هذا الشهر الكريم، وأن هذه الغزوة تبين بجلاء ما يعرفه كل مؤمن أن النصر كله بيد الله تعالي يؤتيه من يشاء، فالصحابة رضوان الله عليهم لما خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم.

لم يكونوا يريدون الحرب وما ظنوا أن سيكون قتال ولذلك لم يتهيؤوا للحرب والقتال ولم يعدوا ما يكفي من العدة ومع ذلك أظفرهم الله ونصرهم على عدوهم لما صدقوا ما عاهدوا الله عليه وامتثلوا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فببركة إيمانهم وبصدقهم مع الله وطاعتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم نصرهم الله وأظفرهم وأظهرهم على عدوهم، وحينما تكون المعركة بين الإيمان والكفر فإن النتائج لا تقاس بالمقاييس البشرية التى تبنى عادة علي الأسباب المادية وحدها، فإن الله عز وجل يؤيد جند الإيمان يؤيد المؤمنين على الكافرين وإن كان الميزان المادى بينهم وبين عدوهم ليس متكافئا فإن الله سبحانه وتعالى الرحيم بعباده المؤمنين يعوض ما عساه نقص من إستعداداتهم بما شاء من جنوده وما يعلم جنود ربك إلا هو.