بقلم علياء الهوارى
في لحظة بدت صادمة لأوساط السياسة الإسرائيلية، خرج الرئيس الأمريكي العائد إلى البيت الأبيض، دونالد ترامب، بإعلان غير مسبوق: “أدعم وقف الحرب فورًا، وأؤيد حل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية مستقلة”. التصريح لم يأتِ من ناشط يساري أو محلل في الأمم المتحدة، بل من رئيس الولايات المتحدة، الذي لطالما اعتُبر حليفًا استراتيجيًا لإسرائيل.
فما الذي تغيّر؟ ولماذا الآن؟ وهل يمكن الوثوق في هذا التحوّل؟
خلال ولايته السابقة، كان ترامب أقرب إلى “عرّاب التطرف الصهيوني”:
خلال ولايته السابقة، كان ترامب أقرب إلى “عرّاب التطرف الصهيوني”:
-
نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
-
اعترف بالجولان السوري المحتل كـ”أرض إسرائيلية”.
-
شرعن الاستيطان وقدم “صفقة القرن” التي شطبت حق العودة.
لكن ترامب في ولايته الثانية يبدو كأنه يرتدي قناعًا مختلفًا. فبدلاً من لغة الإلغاء والتصفية، بدأ يتحدث عن دولة فلسطينية، وحل سياسي شامل، ووقف إطلاق النار “لأسباب إنسانية”، حسب تعبيره الأخير.
فهل هذا هو نفس ترامب الذي هتف له اليمين الإسرائيلي قبل سنوات؟ أم أن عودته إلى السلطة أجبرته على التحدث بلغة أكثر توازنًا؟
تصريحات ترامب تُربك حكومة نتنياهو، التي بنت تحالفها السياسي والأمني على صلابة الدعم الأمريكي. لكن هذا التغيير لا يبدو مفاجئًا إذا قرأناه من زاوية المصالح الأمريكية:
تصريحات ترامب تُربك حكومة نتنياهو، التي بنت تحالفها السياسي والأمني على صلابة الدعم الأمريكي. لكن هذا التغيير لا يبدو مفاجئًا إذا قرأناه من زاوية المصالح الأمريكية:
-
إدارة ترامب الجديدة تواجه ضغطًا دوليًا هائلًا بسبب المذابح في غزة.
-
الجامعات الأمريكية تشهد احتجاجات غير مسبوقة ضد دعم إسرائيل.
-
حتى داخل الكونغرس، هناك تحول في المزاج العام – من دعم مطلق إلى أسئلة أخلاقية.
كل ذلك يضع ترامب في موقع جديد: إما أن يستمر في الدعم الأعمى ويخسر سمعته الدولية بالكامل، أو يعيد التموضع لإنقاذ نفوذ واشنطن في الشرق الأوسط
محاوله اعتراف رئيس الولايات المتحدة بدولة فلسطينية ليس أمرًا عابرًا، خاصة في ظل الدعم التكنولوجي والعسكري الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل. لكن تنفيذ هذا الاعتراف يواجه سلسلة من الألغام:
محاوله اعتراف رئيس الولايات المتحدة بدولة فلسطينية ليس أمرًا عابرًا، خاصة في ظل الدعم التكنولوجي والعسكري الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل. لكن تنفيذ هذا الاعتراف يواجه سلسلة من الألغام:
-
من يقبل من الإسرائيليين؟
حكومة اليمين، بقيادة نتنياهو، ترفض أي حديث عن انسحاب أو سيادة فلسطينية، وترى أن غزة “لا يمكن إعادة إعمارها دون نزع سلاحها”، وهو ما ترفضه حماس والفصائل.
-
ما موقف الفلسطينيين؟
رغم ترحيب السلطة، فإنها تطالب بخطوات فعلية: انسحاب من الضفة، وقف الاستيطان، وحماية دولية. أما المقاومة، فتربط أي حديث عن التسوية بوقف العدوان الشامل ورفع الحصار.
-
هل يوجد توافق دولي؟
أوروبا تبدو أكثر استعدادًا، لكن بدون قرار أممي ملزم أو إطار تفاوضي واضح، يبقى كل شيء في خانة “التصريحات الجميلة”.
علينا ألا نُخدع. ترامب لم يتحول إلى نصير لحقوق الإنسان. الرجل معروف ببراغماتيته القاسية، وقراراته دائمًا محكومة بلغة المصالح لا المبادئ. بالتالي، فإن الاعتراف بفلسطين لا يعكس بالضرورة اقتناعًا بعدالة القضية، بل ربما:
-
رغبة في احتواء التوتر الشعبي داخل أمريكا.
-
محاولة لسحب البساط من تحت بايدن والحزب الديمقراطي.
-
تحقيق توازن أمام النفوذ الإيراني والروسي المتصاعد في المنطقة.
بمعنى آخر، اعترافه ليس حبًا في فلسطين، بل حمايةً لمصالحه الكبرى
ما المطلوب الآن فلسطينيًا وعربيًا؟
ما المطلوب الآن فلسطينيًا وعربيًا؟
-
تحرك رسمي للضغط من أجل تحويل التصريحات إلى قرارات تنفيذية.
-
دعم وحدة الصف الفلسطيني، لأن التشرذم يجهض أي فرصة سياسية.
-
استثمار هذا التغير لكسب دعم أوروبي وآسيوي موازٍ.
-
الإصرار على شمول غزة والقدس والضفة في أي حل مطروح، لا تجزئة القضية.
قد يكون ترامب براغماتيًا، لكن التاريخ لا يُصنع بالنيات وحدها.
إن لم تُترجم تصريحاته إلى التزام فعلي، فإنها ستُسجل كسطر جديد في سجل “الوعود الأمريكية الفارغة”.
لكن إن تم التقاط اللحظة عربيًا وفلسطينيًا، فقد نكون أمام منعطف تاريخي — عنوانه: اعتراف متأخر