أين وصل المسلمون ببركة تعدد الطرق التعبدية

بقلم  محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله المتمم لمكارم الأخلاق، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أما بعد لقد حذرنا الإسلام من البدع وإفتعال أي أمر لم يأذن به الشرع، ومن هذه الأفعال هو الإحتفال بالمولد النبوي الشريف، ويقول السيد رشيد رضا في المنار ” فالموالد أسواق الفسوق فيها خيام للعواهر وخانات للخمور ومراقص يجتمع فيها الرجال لمشاهدة الراقصات المتهتكات الكاسيات العاريات ومواضع أخرى لضروب من الفحش في القول والفعل يقصد بها إضحاك الناس ” إلى أن قال ” فلينظر الناظرون إلى أين وصل المسلمون ببركة تعدد الطرق التعبدية، وإعتقاد أهلها بغير فهم ولا مراعاة شرع فإتخذوا الشيوخ أندادا وصار يقصد بزيارة القبور والأضرحة.
قضاء الحوائج وشفاء المرضى وسعة الرزق بعد أن كانت للعبرة وتذكرة القدوة وصارت الحكايات الملفقة ناسخة فعلا لما ورد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على الخير ونتيجة لذلك كله أن المسلمين رغبوا عما شرع الله تعالي إلى ما توهموا أنه يرضي غيره ممن إتخذوهم أندادا وصاروا كالإباحيين في الغالب فلاعجب إذا عم فيهم الجهل وإستحوذ عليهم الضعف وحرموا ماوعد الله تعالي المؤمنين من النصر لأنهم إنسلخوا من مجموع ما وصف الله عز وجل به المؤمنين ولم يكن في القرن الأول شيئ من هذه التقاليد والأعمال التي نحن عليها بل ولا في الثاني ولا يشهد لهذه البدع كتاب ولا سنة وإنما سرت إلينا بالتقليد أو العدوى من الأمم الأخرى، إذ رأى قومنا عندهم أمثال هذه الإحتفالات فظنوا أنهم إذا عملوا مثلها يكون لدينهم عظمة وشأن في نفوس تلك الأمم.
فهذا النوع من إتخاذ الأنداد كان من أهم أسباب تأخر المسلمين وسقوطهم فيما سقطوا فيه ” ويقول المؤرخ المصري الجبرتي في كتابيه عجائب الآثار، ومظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس، أن المستعمرين الفرنسيين عندما إحتلوا مصر بقيادة نابليون بونابرت إنكمش الصوفيه وأصحاب الموالد فقام نابليون وأمرهم بإحياءها ودعمها، وقال في مظهر التقديس ” وفيها أي سنة ألف ومائتان وثلاثة عشر من الهجرة في شهر ربيع الأول سأل صاري العسكر عن المولد النبوي ولماذا لم يعملوه كعادتهم فإعتذر الشيخ البكري بتوقف الأحوال وتعطل الأمور وعدم المصروف فلم يقبل وقال لابد من ذلك وأعطى الشيخ البكري ثلاثمائة ريال فرنسية يستعين بها فعلقوا حبالا وقناديل وإجتمع الفرنسيس يوم المولد ولعبوا ودقوا طبولهم وأحرقوا حراقة في الليل.
وصواريخ تصعد في الهواء ونفوطا، ولعل سائلا يسأل ما هدفهم من تأييد ودعم مثل هذه البدع وهذه الموالد؟ وندع الجواب للمؤرخ الجبرتي المعاصر لهم حيث يقول في تاريخ عجائب الآثار” ورخص الفرنساوية ذلك للناس لما رأوا فيه من الخروج عن الشرائع وإجتماع النساء وإتباع الشهوات والتلاهي وفعل المحرمات ” واعلموا يرحمكم الله أن علامات المحبة للنبي المصطفي صلي الله عليه وسلم متعددة وهي الإيمان به، وتوقيره ونصرته وطاعته، ثم إن منها كذلك الشوق والطرب عند ذكره وتمني رؤيته والجلوس إليه ولو كان ذلك لا يحصل إلا بإنفاق كل المال، وما عرف عن الصادقين من المؤمنين إلا مثل هذا الشعور الصادق، وهذه آثارهم فقد سأل رجل رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال ” متى الساعة؟ قال صلي الله عليه وسلم ” وما أعددت لها؟”
قال لا شيء، إلا أني أحب الله ورسوله، فقال صلي الله عليه وسلم ” أنت مع من أحببت” قال أنس فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلي الله عليه وسلم ” أنت مع من أحببت ” وقال أنس بن مالك رضي الله عنه فأنا أحب النبي صلي الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل أعمالهم” رواه البخاري.