الشاه إسماعيل بن حيدر يهاجم المماليك

بقلم محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هاديا له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن دولة المماليك في مصر، وذكرت المصادر أنه في سنة تسعمائة وثلاثة عشر من الهجرة، هاجم الشاه إسماعيل بن حيدر الصفوي مناطق الحدود الشمالية الشرقية الفاصلة بين دولته وبين دولة المماليك، مستغلا الظروف الإقتصادية الصعبة التي كانت مصر والشام تمر بها آنذاك، فهاجم ملطية لكنه فشل في إحتلالها، وفي سنة تسعمائة وثماني عشر من الهجرة، عاود الصفويون الكرة على المماليك، فدخلوا حدود دولتهم حتى وصلوا إلى البيرة، ورفض الشاه إسماعيل بن حيدر.

الدخول في مفاوضات مع السلطان المملوكي من أجل تبريد الجبهة، وحصل في تلك الفترة أن توفي السلطان العثماني بايزيد الثاني الذي لم يقدر خطورة أطماع الصفويين وإعتلى إبنه سليم العرش، الذي كان واعيا ومدركا للخطر الصفوي، وقد عقد العزم على استئصال هذا الخطر قبل أن يستفحل كان السلطان المملوكي آنذاك هو قانصوه الغوري، فلما بلغه خبر وفاة بايزيد الثاني حزن حزنا شديدا وبكى عليه، ثم صلى عليه صلاة الغائب في القلعة، كما صلى الناس عليه بعد صلاة الجمعة في الجامع الأزهر وجامع الحكم بن طولون، وكان كل إنتصار يحققه العثمانيون على الصفويين، يعني هزيمة قاسية للمماليك، ويؤدي إلى الإنتقاص من هيبتهم بصفتهم سلاطين المسلمين وحماة الخلافة، كما أن تهديد الصفويين لكليهما لم يخفف مطلقا من التناقضات بينهما، فتصرفت كل دولة بمعزل عن الأُخرى.

وفي اليوم الثاني من شهر رجب من سنة تسعمائة وعشرون من الهجرة، إنتصر العثمانيون على الصفويون في معركة جالديران وردوهم على أعقابهم إلى إيران، فكانت تلك مفاجأة غير متوقعة للمماليك، فلم يبتهجوا لهذا الإنتصار، وخاب أمل السلطان قانصوه الغوري الذي كان يود أن يقوم بدور الوسيط بين العثمانيين والصفويين ليوجه السياسات العامة في المنطقة لصالح الحكم المملوكي، وكان السلطان الغوري يدرك تماما أن المنتصر من الجانبين سيعمل على تصفية الموقف في المشرق العربي بالاصطدام بالمماليك، ومن ثم كان عليه أن يتخذ موقفا من التطورات السياسية والعسكرية السريعة، فرأى أن يلتزم الحياد تاركا الدولة العثمانية وحيدة في مواجهة الصفويين دون تبصر بنتائج ما قد يقوم به الشاه إسماعيل في حال إنتصاره من أعمال عدوانية متزايدة ضد المماليك.

وحاول السلطان سليم إستقطاب الغوري إلى جانبه، فأرسل بعثة عثمانية إلى القاهرة وصلتها في شهر ربيع الآخر سنة تسعمائة وعشرون من الهجرة، حاملة إقتراحا بعقد تحالف بين العثمانيين والمماليك لمحاربة الصفويين، لكن المماليك رفضوا الإقتراح وتمسكوا بسياستهم، مع تفضيل إتخاذ موقف الإنتظار، إعتبر العثمانيون سياسة المماليك هذه مظهرا من مظاهر العداوة، وأخذوا يعتبرونهم العدو الرئيسي، وسعى السلطان سليم لإيجاد سبب لفتح باب الحرب مع الدولة المملوكية والقضاء عليها في سبيل توحيد الجبهة الإسلامية السنية في مواجهة الصفويين في إيران، ومواجهة الخطر البرتغالي المتزايد في البحار الإسلامية كذلك، فبادر السلطان سليم إلى الإستيلاء على إمارة ذي القدر التركمانية الأناضولية المشمولة بحماية المماليك، والتي تقع على الحدود بين الدولتين المملوكية، والعثمانية.