في زمنٍ يتسابق فيه الجميع للحصول على الشهادات، وامتلأت فيه صفحات السوشيال ميديا بمسميات “لايف كوتش”، و”خبير علاقات”، يخرج صوت مختلف… لا يرفع راية التجميل،
بل ينحاز إلى العمق. إنه صوت د. هشام نوار، مؤسس TRC – المدرسة الدولية لتأهيل مدربي تعافي الصدمات. في مقاله الأخير الذي أثار تفاعلًا واسعًا، لم يتحدث نوار عن برامج أو أسعار أو شهادات، بل عن “الموقف”. عن لحظة يفتح فيها الإنسان جرحه أمام آخر، ويسأله دون كلام:
هل أنت آمن بما يكفي لأفتح قلبي أمامك؟
الصدق أولًا… قبل الاعتماد في مقاله الذي حمل عنوان “حين يصبح الشفاء مهنة… ويصبح الصدق هو المؤهل الأعلى”، كتب نوار بصدق لافت: “يأتيني السؤال كثيرًا: هل عندك اعتماد؟ لكن في العمق، هناك أسئلة أصدق… لكنها لا تُقال:
هل شُفيت بما يكفي لتحتويني؟”
رسالة TRC تبدو مختلفة عن مدارس الكوتشينج التقليدية.
فهنا، لا يكفي أن تعرف “الأداة”،
بل يجب أن تكون قد ذُقت مرارة الطريق. “مدرب تعافي” وليس “كوتش” المدرسة، بحسب مؤسسها، لا تخرّج متحدثين جيدين، بل بشرا مرّوا بتجربة التحول، فأصبحوا أقدر على احتواء الألم. لا يتم تسليم الأدوات قبل تمرين الضمير، ولا يُمنح الاعتماد قبل أن يتم اختبار “النية”.
“نحن لا ندرّب فقط، نحن نُعيد بناء الإنسان الذي يساعد”، يكتب نوار. دعوة مفتوحة
لمن يسمع النداء اللافت أن المقال لم يكن ترويجيًا لدبلومة، بل دعوة لمن يشعر بنداء داخلي صادق. لمن يتساءل في صمت: هل أنا خلقت لأكون في صفّ من يُجمّل؟
أم من يرافق ويشهد على التحول؟ TRC ليست برنامجًا، بل مشروع وعي. مدرسة تُخرّج من عايشوا الصدمة وعبروها، لا من حفظوا نظرياتها.
هل هي ثورة في عالم التدريب؟
قد تكون TRC، بهذا الطرح، واحدة من الحركات القليلة التي تُعيد صياغة دور المدرب والمرشد النفسي في العالم العربي. لا تسعى للعدد، بل تبحث عن النوع. لا تعلن عن منتج،
بل تُوقظ شعورًا. والمثير للدهشة أن هذه الفلسفة وجدت صدى لدى كثير من المهتمين بمجال التعافي، ممن ضاقوا ذرعًا بشهادات تُمنح خلال ساعات، دون أي عمق إنساني.
في الختام
… في عالمٍ باتت فيه الصدمات تُدرَّس نظريًا فقط، وتُختصر في تمارين سطحية،
تفتح TRC بابًا مختلفًا: باب الإنسان الحقيقي، الذي شُفي بما يكفي ليكون أمانًا لغيره. فربما لم تعد المهنة هي الشفاء… بل أصبح الشفاء، هو المهنة