سارية يسمع نداء أمير المؤمنين

بقلم محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الكريم المجيب لكل سائل، التائب على من تاب فليس بينه وبين العباد حائل، جعل ما على الأرض زينة لها، وكل نعيم فيها لا محالة زائل، حذر الناس من الشيطان، وللشيطان منافذ وحبائل، فمن أسلم وجهه لله فذلك الكيس العاقل، ومن إستسلم لهواه فذاك الضال والغافل، نحمده تبارك وتعالى كما أثنى على نفسه، فالحمد منه وإلى جنابه واصل، ونعوذ بنور وجهه الكريم من الفتن في عاجل أمرنا والآجل، ونسأله الفوز بالجنة ورفقة الصديقين والمقربين الأوائل، وأشهد أن لا إله إلا الله المنزه عن الشريك والشبيه والمشاكل، من للعباد غيره ومن يدبر الأمر ويعدل المائل؟ من يشفي المريض ومن يرعى الجنين في بطون الحوامل؟ من يكلأ الناس وهم نيام؟ وهل لحمايته بدائل؟ من يرزق العصاة ولولا حلمه لأكلوا من المزابل، من ينصر المظلوم ولولا عدله لاستوى القتيل والقاتل.

من يُظهر الحق ولولا لطفه لحكم القضاة للباطل؟ ومن يجيب المضطر إذا دعاه ومن إستعصت على قدرته المسائل، من يكشف الكرب والغم ومن يفصل بين المشغول والشاغل، من يشرح الصدور ولولا هداه لإنعدم الكوامل، من كسانا؟ من أطعمنا وسقانا؟ ومن هيأ لنا المخارج والمداخل، من كفانا؟ ومن هدانا؟ ومن خلق لنا الأبناء والحلائل؟ ومن سخر لنا جوارحنا؟ ومن طوع لنا الأعضاء والمفاصل؟ ومن لنا إذا إنقضى الشباب وتقطعت بنا الأسباب والوسائل؟ هو الله، هو الله الإله الحق، وكل ما خلا الله باطل، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله، ولرسالة الحق حامل، العربي القرشي الأمي الذي لم تنجب مثله القبائل، سل البلد الحرام متى أينعت الزهور وغردت البلابل، سل الشهب النيرات لماذا هي بين الجن والسماء حوائل، سل آمنة الشريفة حين وضعته من كن لها القوابل.

سل حليمة التي أرضعته كيف سارت ناقتها بين الرواحل، سل صويحباتها مِن المراضع لماذا عضضن عليها من الغيظ الأنامل، سل قومه عن صباه وهل كان يخدع أو يخاتل، سل رمال مكة عن عفافه، وسل منها العوالي والأسافل، سل الأعداء عن خُلقه، وسل عن حلمه الأراذل، سل خديجة عن حملانه الكل ومن ناءت بحمله الكواهل، سل الهلاك من آل هاشم كيف كانوا عنده في رحمة وتواصل، سل اليتامى من كفلهم واسأل عن حنانه الأرامل، سل الحجر الأسود من وضعه في مكانه ومن كان للأمور الجلائل، سل الحكماء إذا تكلم هو فهل هناك مقالة لقائل، سل الأصحاب عن دفاعه عن الحق وكيف كان يناضل، سل راية التوحيد من رفعها فهدمت للشرك المعاقل، سل العدل كيف تحقق فسارت بأمانه الظعائن والقوافل، سل الدنيا هل زانها قبله أو بعده مماثل.

لولاه لانعدم الهدى وما كان في الناس عالم أو فاضل، فاللهم صلي وسلم وبارك عليه، وقنا بحبه شر النوازل، وارزقنا شفاعته عند الخطوب وفي كل المنازل، ثم أما بعد قيل كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب على منبر المسجد النبوي في المدينة المنورة، بينما كان سارية بن زنيم يقود جيش المسلمين في بلاد فارس، وفي خضم خطبته، صاح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه “يا سارية الجبل، الجبل” فأثار هذا النداء دهشة الصحابة الحاضرين، وبعد إنتهاء الخطبة، سأل الصحابة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن سبب صياحه، فقال أنه شعر بخوف على جيش المسلمين، وأنهم في خطر، وأنهم بحاجة للإحتماء بالجبل، وبعد فترة، وصل خبر إلى المدينة عن إنتصار المسلمين في معركة نهاوند.

وأن سارية سمع نداء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثناء المعركة، وأنه أبلغ أصحابه بالتحصن بالجبل، مما أدى إلى نصرهم، ويرى الكثيرون في هذه القصة كرامة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقدرته على التخاطر مع سارية على الرغم من المسافة البعيدة، والقصة تبرز قدرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الإلهام، وربما القدرة على التخاطر، وكيف أن الله تعالي ييسر الأمور لعباده المؤمنين