الإيمان يقي صاحبه ويحميه

بقلم محمد الدكروري


الحمد لله رب العالمين الذي أنعم الله علينا بنعم لا تحصى ولا تعد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذكرنا بنعمته علينا وأننا لا نستطيع تعدادها وإحصاءها “وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله كان إمام الشاكرين حينما قال لعائشة “أفلا أكون عبدا شكورا” فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد إن الإيمان يقي صاحبه ويحميه من الوقوع في الرذائل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلي الله عليه وسلم ” لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن” رواه البخاري ومسلم، وعن أبي شريح رضي الله عنه.

أن النبي صلي الله عليه وسلم قال ” والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن” قيل ومن يا رسول الله، قال “الذي لا يأمن جاره بوايقه” رواه البخاري، والإيمان له أثر آخر على صاحبه، فهو يسمو بالنفس ويعلي أهدافها، ويجعل صاحبها يتعلق بالدار الآخرة أكثر من تعلقه بالدنيا، وكما أن هناك عوامل تدعونا إلى بذل مزيد من الإهتمام بالتربية الإيمانية، ومنها أن المتغيرات الجديدة تتسم بإنفتاح هائل للشهوات وأبواب الفساد المحرمة، من خلال القنوات الفضائية وشبكة الإنترت، والإنفتاح المتزايد على العالم الآخر، والعامل الثاني هو أن المتغيرات الجديدة تزيد فيها الماديات ويعلو شأن تعلق الناس بها، حتى الصالحون منهم يصيبهم مايصيبهم في ذلك، وإن وسائل الإتصال المعاصرة ومصادر الثقافة الجديدة تنقل الناس إلى عالم مادي بحت لاصلة له بما وراء المادة المحسوسة.

ولا صلة له بالدار الآخرة وما يدعو إليها، بل إن الفتنة بالمنهج العلمي تقود إلى التشكيك في كل مالا تدركه حواس الناس القريبة، وكل هذا يدعو إلى الإعتناء بتدعيم التربية الإيمانية وتقويتها في كافة المؤسسات التربوية، والتربية الإيمانية لابد أن يراعى فيها المعنى الشرعي للإيمان وشموله لكافة جوانب الحياة، وعدم التركيز على مجرد أداء الشعائر بل الإعتناء بالأصل وهو أعمال القلوب، وكما أن تقوية الحماية الداخلية تقلل المتغيرات الجديدة من فرص الضبط الخارجي والسيطرة، ومن ثم لابد من تقوية الحماية الداخلية، التي تجعل المرء يراقب الله تعالى، ويستطيع السيطرة على نفسه وضبطها، ومن الوسائل التي تعين على تقوية الحماية الداخلية هو الإعتناء بالإقناع فالتوجيهات التربوية التي يتلقاها المتربون في مجتمعاتنا تعتمد على التوجيه المباشر، وتعتمد على تلقين النتائج والأحكام.

وهذا لو نجح مع جيل لايتعامل إلا مع من يربيه، فإنه لن ينجح مع جيل لايعد المربي فيه على أحسن أحواله إلا واحدا من العوامل المؤثرة على المربي، وهذا يتطلب مراجعة شاملة لمحتوى المواد التربوية، ولأساليب تقديمها، وإلى إعتبار القدرة على الإقناع من أهم معايير اختيار المربين، وكذلك تنمية قدرات الإنتخاب والإختيار وإتخاذ القرار فالمتربي كان فيما سبق في كثير من مواقفه أمام موقف واحد أو رأي واحد، وهذا يجعله لايعاني من صعوبة إتخاذ القرار، أما الآن فهو أمام متغيرات عديدة، وأمام آراء وبدائل متكافئة في درجة إقناعها له، وهذا يتطلب أن تضمن الخبرات التربوية مايعين المتربي على الإختيار بين البدائل وإتخاذ القرار، ومراعاة ذلك من خلال مايقدم للمتربين، سواء في إختيار موضوعات ضمن البرامج العلمية والثقافية تحتاج إلى الإختيار وإتخاذ القرار، أو في طريقة تقديم المادة العلمية بحيث يعطى المتربي الفرص في التدرب على الإختيار وإتخاذ القرار تحت إشراف المربين مما يزيد من قدرته على الإستقلال بنفسه في ذلك، أو في وضعه في مواقف عملية تتطلب الإختيار بين البدائل وإتخاذ القرار.