بقلم محمـــد الدكـــروري
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدا عبده رسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد قال الإمام النووي رحمه الله مثل النبي صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح بحامل المسك، والجليس السوء بنافخ الكير، وفي هذا الحديث فضيلة مجالسة الصالحين، وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق، والورع والعلم والأدب، والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع، ومن يغتاب الناس، أو يكثر فجره وبطالته، ونحو ذلك من الأنواع المذمومة، وروى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “المرء، يعني الإنسان على دين، علي عادة صاحبه وطريقته، خليله أي صاحبه، فلينظر أي يتأمل ويتدبر، أحدكم من يخالل”
وقوله صلى الله عليه وسلم “فلينظر أحدكم من يخالل” معناه فلينظر أحدكم بعين بصيرته إلى أمور من يريد صداقته وأحواله، فمن رآه ورضي دينه صادقه، ومن سخِط دينه فليتنبه، فلا أتخيل صديق لايحب صديقة، فكلمة صداقة مأخوذه من الصدق، وهو صدق في القول لايدلس بكذب وصراحة واضحة لتكن مفتاح لكل مشكلة وصدق نية في كل عمل ليريد به وجه الله تعالي ولايغلب عليه الرياء ليراه صديقه، والصديق مؤتمن على السر فلا ينشره والعيب فلا يفضحه صندوق سر لصديقه، فاحرص أخي الحبيب على إختيار الصديق، فصديقك هو مرآتك التي تظهر لك العيب فلا تغضب منه إن قدم لك نصيحة أو توجيه، وصديقك هو دليل حسن إختيارك لا تسقط بإختيار صديق سيء في أخلاقه وسلوكه.
فإن الصداقة الصالحة لها منزلة عظيمة في الإسلام، ولقد حثنا نبينا المصطفي صلى الله عليه وسلم على حسن إختيار الصديق لأن له أثرا كبيرا على صديقه، فالصديق قد يكون سببا في سعادة صاحبه في الدنيا والآخرة، وقد يكون سببا في شقاء صاحبه في الدنيا والآخرة، وإن القرآن الكريم فيه الكفاية لمن أراد الله هدايته، فردا أو جماعة، فمن أراد الدنيا فعليه بالقرآن، ومن الآخرة فعليه بالقرآن، ومن أرادهما معا فعليه بالقرآن، فهو سر عظمة الأسلاف، فقد كانوا ينتهجون نهجه ويهتدون بهديه، ويستدلون بتوجيهاته ويساقون بأوامره، فكان ربيعا لقلوبهم ونورا لأبصارهم، وجلاء لأحزانهم، وذهابا لهمومهم، فقد كان يمتثلون القرآن في معاملاتهم وفي أخذهم وعطائهم وفي أخلاقهم.
فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها وعن أبيها عندما سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم ” كان خلقه القرآن” وإن هذا الكتاب منحة ربانية، يهدي المستهدين به إلى أقوم السبل وأوضح الطرق، يستظهرون به الحق من الباطل ويدركون به المحكم من المتشابه، من استمسك به عصم، ومن اهتدى به لم يحار، ومن استنار به لم ير الظلام أبدا، وهو وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم “تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله” فلن تتخلف دولة دستورها القرآن، ولن يتدهور إقتصاد قوامه القرآن، ولن ينحل شعب خلقه القرآن، ولن تهوى قوة أساسها القرآن، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم