الدكروري يكتب..إلتزام الإنسان بأمر الله تعالي وقدره

بقلم محمـــد الدكـــروري

الحمد لله وليّ الصابرين أحمده سبحانه حمد الشاكرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرضي بها ديّان يوم الدين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله إمام المتقين وقدوة العابدين، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد، إن الصبر هو أن يلتزم الإنسان بما يأمره الله تعالي به فيؤديه كاملا، وأن يجتنب ما ينهاه عنه، وأن يتقبل بنفس راضية ما يصيبه من مصائب وشدائد، والمسلم يتجمل بالصبر، ويتحمل المشاق، ولا يجزع، ولا يحزن لمصائب الدهر ونكباته، حيث يقول الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين”

ولقد ضرب أنبياء الله صلوات الله عليهم أروع الأمثلة في الصبر وتحمل الأذى من أجل الدعوة إلى الله، وقد تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاق في سبيل نشر الإسلام، وكان أهل قريش يرفضون دعوته للإسلام ويسبونه، ولا يستجيبون له، وكان جيرانه من المشركين يؤذونه ويلقون الأذى أمام بيته، فلا يقابل ذلك إلا بالصبر الجميل، فيقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن صبر الرسول صلى الله عليه وسلم وتحمله للأذى “كأني أنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي يشبه نبيّا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه أي أصابوه وجرحوه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول ” اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون “متفق عليه، وقد وصف الله تعالى كثيرا من أنبيائه بالصبر.

فقال تعالى في سورة الأنبياء “وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين، وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين” وقال الله تعالى “فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل” وأولو العزم من الرسل هم نبي الله نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم صلوات الله وسلامه، وقال تعالى عن نبيه أيوب عليه السلام “إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب” فقد كان نبي الله أيوب عليه السلام رجلا كثير المال والأهل، فإبتلاه الله تعالي وإختبره في ذلك كله، فأصابته الأمراض، وظل ملازما لفراش المرض سنوات طويلة، وفقد ماله وأولاده، ولم يبقي له إلا زوجته التي وقفت بجانبه صابرة محتسبة وفية له، وكان أيوب عليه السلام مثلا عظيما في الصبر، فقد كان مؤمنا بأن ذلك قضاء الله، وظل لسانه ذاكرا.

وقلبه شاكرا، فأمره الله تعالي أن يضرب الأرض برجله ففعل، فأخرج الله له عين ماء باردة، وأمره أن يغتسل ويشرب منها، ففعل، فأذهب الله تعالي عنه الألم والأذى والمرض، وأبدله صحة وجمالا ومالا كثيرا، وعوّضه بأولاد صالحين جزاء له على صبره، فقال تعالى “ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب” وإن الصبر أنواع كثيرة، منها الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على المرض، والصبر على المصائب، والصبر على الفقر، والصبر على أذى الناس وهكذا، عباد الله إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته مسبحة بقدسه، وثلث بكم معاشر المسلمين من جنه وإنسه، فقال جل وعلا، في قرآن يقرا ويتلى ” إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما” اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.