محمد الدكروري يكتب..فريضة عظيمة حملها الإنسان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين جعل الرفعة لعباده المتواضعين، والذل والصغار على المتكبرين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد لقد وصف الله تعالى المؤمنين الصالحين الذين كتب الله سبحانه لهم الفلاح والرشاد في الدنيا والآخرة بأنهم يرعون أماناتهم ويؤدونها حق الأداء، فقال تعالى ” والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ” ويقول الإمام القرطبي والأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال، والأمانة تشمل كل ما يحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه قولا وفعلا، والأمانة هي أداء الحقوق، والمحافظة عليها، فالمسلم يعطي كل ذي حق حقه يؤدي حق الله في العبادة، ويحفظ جوارحه عن الحرام، ويؤدي ما عليه تجاه الخلق.

والأمانة خلق جليل من أخلاق الإسلام، وأساس من أسسه، فهي فريضة عظيمة حملها الإنسان، بينما رفضت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها لعظمها وثقلها، ولقد أمرنا الله تعالى بأداء الأمانات، والأمانة صفة مميزة لأصحاب الرسالات، فقد كان كل منهم يقول لقومه ” إني لكم رسول أمين ” ولقد إتصف النبي صلى الله عليه وسلم منذ صغره ولقب بين قومه بالصادق الأمين حتى وقومه يعادونه لم ينفوا عنه هذه الصفة، ولقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم الأمانة دليلا على إيمان المرء وحسن خلقه، ولقد كانت من آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الوصية بالأمانة، لذا فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة عند فساد الزمان نزع الأمانة من قلوب الرجال، والأمانات في الحياة لها أنواع كثيرة منها الأمانة في العبادة.

فمن الأمانة أن يلتزم المسلم بالتكاليف، فيؤدي فروض الدين كما ينبغي، ويحافظ على الصلاة والصيام والزكاة وبر الوالدين، وغير ذلك من الفروض التي يجب علينا أن نؤديها بأمانة لله رب العالمين، وكذلك الأمانة في حفظ الجوارح، فعلى المسلم أن يعلم أن الجوارح والأعضاء كلها أمانات، يجب عليه أن يحافظ عليها، ولا يستعملها فيما يغضب الله سبحانه فالعين أمانة يجب عليه أن يغضها عن الحرام، والأذن أمانة يجب عليه أن يجنّبها سماع الحرام، واليد أمانة، والرجل أمانة، وهكذا، وأيضا الأمانة في الودائع ومن الأمانة حفظ الودائع وأداؤها لأصحابها عندما يطلبونها كما هي، مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع المشركين، فقد كانوا يتركون ودائعهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم ليحفظها لهم ولذا فقد حثنا صلى الله عليه وسلم على رد الودائع إلى أصحابها.

وأيضا الأمانة في العمل ومن الأمانة أن يؤدي المرء ما عليه على خير وجه، فالعامل يتقن عمله ويؤديه بإجادة وأمانة، والطالب يؤدي ما عليه من واجبات، ويجتهد في تحصيل علومه ودراسته، ويخفف عن والديه الأعباء، وهكذا يؤدي كل امرئ واجبه بجد واجتهاد، وكذلك الأمانة في البيع والشراء، فالمسلم لا يغش أحدا، ولا يغدر به ولا يخونه، وكما أن المسئولية أمانة فكل إنسان مسئول عن شيء يعتبر أمانة في عنقه، سواء أكان حاكما أم والدا أم ابنا، وسواء أكان رجلا أم امرأة فهو راعي ومسئول عن رعيته، وهناك الأمانة في حفظ الأسرار، فالمسلم يحفظ سر أخيه ولا يخونه ولا يفشي أسراره، وكذلك الأمانة في الكلام ومن الأمانة أن يلتزم المسلم بالكلمة الجادة، فيعرف قدر الكلمة وأهميتها، فالكلمة قد تدخل صاحبها الجنة وتجعله من أهل التقوى.

ولقد دعانا الله تعالى إلى الطيب والحسن من القول، فالكلم الحسن الطيب هو الذي يصعد إلى الله تعالى، فحفظ الأمانة وحسن أدائها دليل على صدق إيمان العبد وخيانة الأمانة دليل على نفاق العبد.