الحمد لله الذي شمل بخلقه ورحمته ورزقه القريب والبعيد فسبحانه القائل ” وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ” وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله هو أفضل النبيين والمؤيد بالآيات البينات والحجج الواضحات والبراهين صلى اله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد روي عن عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الله الله في أصحابي الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه” رواه أحمد.
وقال المناوي رحمه الله تعالى في تفسير الحديث ” الله الله في حق أصحابي” أي اتقوا الله فيهم ولا تلمزوهم بسوء، أو اذكروا الله فيهم وفي تعظيمهم وتوقيرهم وكرره إيذانا بمزيد الحث على الكف عن التعرض لهم بمنقص “لا تتخذوهم غرضا” أي هدفا ترموهم بقبيح الكلام كما يرمى الهدف بالسهام هو تشبيه بليغ “بعدي” أي بعد وفاتي ” وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين” رواه الطبراني، وإن حكم ما حدث بين الصحابة الكرام من خلاف بعد موت النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم في مذهب أهل السنة هو الإمساك عما شجر بين الصحابة، فعلى المسلم أن يسلك في إعتقاده فيما حصل بين الصحابة الكرام مسلك الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة.
وهو الإمساك عما حصل بينهم، وكُتب أهل السنة مملوءة ببيان عقيدتهم الصافية في حق الصحابة الكرام، وقد حددوا موقفهم من تلك الحرب التي وقعت بينهم في أقوالهم الحسنة التي منها أنه سُئل الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز عن القتال الذي حصل بين الصحابة، فقال رضي الله عنه ” تلك دماء طهّر الله يدي منها، أفلا أُطهر منها لساني؟ مثل أصحاب رسول الله مثل العيون ودواء العيون ترك مسها” وسئل الحسن البصري رحمه الله تعالى عن قتال الصحابة فيما بينهم فقال ” قتال شهده أصحاب محمد وغبنا، وعلموا وجهلنا، وإجتمعوا فاتبعنا، واختلفوا فوقفنا” وقال الإمام أحمد بعد أن قيل له ما تقول فيما كان بين علي ومعاوية؟ قال ما أقول فيهم إلا الحسنى” وقيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الحسن بن علي رضي الله عنهما.
“إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين” فلقد أثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم للفريقين الإسلام خلافا لمن يكفرون أحد الفريقين ومن يدعون ردة الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عمر رضي الله عنهما ” لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عُمره ” رواه أحمد، وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك وسأله أمعاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز فقال ” لتراب في منخري معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز ” رواه ابن عساكر، وجاء رجل إلى الإمام أبي زرعة الرازي رحمه الله فقال يا أبا زرعة أنا أبغض معاوية، قال لماذا ؟ قال لأنه قاتل عليا.
فقال أبو زرعة إن رب معاوية رب رحيم وخصم معاوية خصم كريم فما دخولك أنت بينهما رضي الله عنهم أجمعين” رواه ابن عساكر، وقال ابن الصلاح رحمه الله تعالى ” إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع