البدعة أخطر الذنوب بعد الشرك

بقلم محمـــد الدكـــروري


الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المؤمنين نزلا ويسرهم للأعمال الصالحة الموصلة إليها فلم يتخذوا سواها شغلا، وسهل لهم طرقها فسلكوا السبيل الموصلة إليها ذللا وكمل لهم البشرى بكونهم خالدين فيها لا يبغون عنها حولا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلي الله عليه وسلم ثم أما بعد يحرص بعض الناس على الإعتمار في شهر رجب إعتقادا منهم أن للعمرة فيه مزيد مزية وهذا لا أصل له، فقد روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال “إن رسول الله صلي الله عليه وسلم إعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب وقالت أي السيدة عائشة يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده، وما إعتمر في رجب قط” وقال ابن العطار “ومما بلغني عن أهل مكة، زادها الله تشريفا إعتيادهم كثرة الإعتمار في رجب وهذا مما لا أعلم له أصلا”

وقد نص العلامة إبن باز، على أن أفضل زمان تؤدى فيه العمرة هو شهر رمضان لقول النبي صلى الله عليه وسلم “عمرة في رمضان تعدل حجة” ثم بعد ذلك العمرة في ذي القعدة لأن عُمره كلها وقعت في ذي القعدة، وقد قال الله سبحانه وتعالى ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ” وإعتاد بعض أهل البلدان تخصيص شهر رجب بإخراج الزكاة، وقال ابن رجب عن ذلك “ولا أصل لذلك في السُنة ولا عُرف عن أحد من السلف، وبكل حال فإنما تجب الزكاة إذا تم الحول على النصاب فكل أحد له حول يخصه بحسب وقت ملكه للنصاب، فإذا تم حوله وجب عليه إخراج زكاته في أي شهر كان” ثم ذكر جواز تعجيل إخراج الزكاة لإغتنام زمان فاضل كرمضان أو لإغتنام الصدقة على من لا يوجد مثله في الحاجة عند تمام الحول، ونحو ذلك.


وقال ابن العطار ” وما يفعله الناس في هذه الأزمان من إخراج زكاة أموالهم في رجب دون غيره من الأزمان لا أصل له، بل حكم الشرع أنه يجب إخراج زكاة الأموال عند حولان حولها بشرطه سواء كان رجبا أو غيره” ولقد أجمع العلماء أنه لا توجد أي حوادث عظيمة في شهر رجب، حيث قال ابن رجب ” وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة ولم يصح شيء من ذلك، فروي أن النبي صلي الله عليه وسلم ولد في أول ليلة منه وأنه بعث في السابع والعشرين منه، وقيل في الخامس والعشرين ولا يصح شيء من ذلك، وإنه يمارس بعض الدعاة اليوم أنواعا من البدع الموسمية كبدع شهر رجب مع إقتناعهم بعدم مشروعيتها بحجة الخوف من عدم إشتغال الناس بغير عبادة، إن هم تركوا ما هم عليه من بدعة، ومع أن البدعة أخطر الذنوب بعد الشرك.

إلا أن هذا توجه في الدعوة وطريقة التغيير خطير مخالف لهدي النبي صلي الله عليه وسلم والواجب أن يدعى الناس إلى السنة المحضة التي لا تكون إستقامة بدونها، وقال الثوري “كان الفقهاء يقولون لا يستقيم قول إلا بعمل، ولا يستقيم قول وعمل إلا بنية ولا يستقيم قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة” وكان الواجب على هؤلاء أن يتعلموا السنة ويعلموها ويدعون أنفسهم ومن حولهم إلى تطبيقها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول “من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” ولله در أبي العالية حين قال لبعض أصحابه “تعلموا الإسلام فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه وعليكم بالصراط المستقيم، فإن الصراط المستقيم الإسلام ولا تنحرفوا عن الصراط المستقيم يمينا وشمالا وعليكم بسنة نبيكم وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين أهلها العداوة والبغضاء”

ومن قبله قال حذيفة رضي الله عنه “يا معشر القراء استقيموا، فقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا” فإن الدعاة اليوم والأمة معهم مطالبون بتجريد المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم في كل شأن تماما مثل ما هم مطالبون بتجريد الإخلاص لله عز وجل، إن هم أرادوا لأنفسهم نجاة، ولدينهم نصرا وإعزازا.