بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين أذن أن ترفع بيوته وأشهد أن لا إله إلا الله القائل “إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله حث على إبعاد بيوت الله عن غير ما بنيت له، فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين
أما بعد إن من مقتضيات المحبة الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز في أي حال من الأحوال أن يقدم قول أحد من البشر على قوله لما سئل ابن عباس رضي الله عنهما في مسأله فأفتى بكلام النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له لكن أبا بكر رضي الله عنه يقول كذا وعمر رضي الله عنه يقول كذا
فغضب وقال “يوشك أن تنزل بكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر” وهذا في حق أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
فكيف بمن جاء بعدهما ؟ وقال الحميدي ” كنا عند الشافعي رحمه الله فأتاه رجل، فسأله في مسألة؟ فقال قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فقال رجل للشافعي ما تقول أنت؟ فقال سبحان الله أتراني في كنيسة أتراني في بيعة أترى على وسطي زنارا ؟
أقول لك قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تقول ما تقول أنت؟” وقال شيخ الإسلام وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصا يدعو إلى طريقته ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينصّب لهم كلاما يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وما إجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصّبون لهم شخصا أو كلاما يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون، ومن لوازم محبة صلى الله عليه وسلم أن تكون محبته أحب إليك من نفسك ومالك.
حيث يقول الله تعالى ” النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم” وروى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين” ومن لوازم محبته أيضا الشوق إليه حين يأتي ذكره، والحنين إلى لقياه والأنس برفقته في الجنة، وقال القاضي عياض رحمه الله، ذكر عن مالك أنه سئل عن أيوب السختياني؟ فقال “ما حدثتكم عن أحد إلا وأيوب أوثق منه” وقال عنه مالك “وحج حجتين، فكنت أرمقه، ولا أسمع منه، غير أنه كان إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى أرحمه، فلما رأيت منه ما رأيت، وإجلاله للنبي صلى الله عليه وسلم كتبت عنه” وذكر أبو نعيم في كتاب حلية الأولياء عن مالك قال عن محمد بن المنكدر، وكان سيد القراء “لا نكاد نسأله عن حديث أبدا إلا يبكي حتى نرحمه”
وجاء في كتاب سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي عن الحسن البصري رحمه الله أنه كان إذا ذكر حديث حنين جذع يوم بكى على فراق النبي صلى الله عليه وسلم ويقول “يا معشر المسلمين، الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إلى لقائه، فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه” وكما أن من لوازم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو كثرة الصلاة عليه فقد حثنا ربنا على ذلك فقال ” إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ” و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي ” وكما قال صلى الله عليه وسلم ” رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل علي ” وكما قال صلى الله عليه وسلم ” من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ” وكما قال صلى الله عليه وسلم ” أكثروا من الصلاة والسلام علي ليلة الجمعة ويومها فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ”
فاللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا، ومن الدفاع عن سنته صلى الله عليه وسلم هو حفظها وتنقيحها، وحمايتها من إنتحال المبطلين وتحريف الغالين وتأويل الجاهلين، ورد شبهات الزنادقة والطاعنين في سنته، وبيان أكاذيبهم ودسائسهم، وقد دعا رسول الله المصطفي صلى الله عليه وسلم بالنضارة لمن حمل هذا اللواء بقوله ” نضر الله امرءا سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه، فرب مُبلّغ أوعى من سامع” والتهاون في الذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الذب عن سنته وشريعته، من الخذلان الذي يدل على ضعف الإيمان، أو زواله بالكلية، فمن إدعى الحب ولم تظهر عليه آثار الغيرة على حرمته وعرضه وسنته، فهو كاذب في دعواه.