الأيام التي أكمل الله فيها الدين

بقلم محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين كما حمد سبحانه وتعالى نفسه، وكما هو أهله ومستحقه، وكما حمده الحامدون من جميع خلقه، وأستعين به إستعانة من فوض إليه أمره، وأستغفره استغفار معترف بذنبه ومقر بخطيئته، وأشكره على سابغ نعمه وعظيم منته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن فضائل العشر الأيام الأوائل من شهر ذي الحجه، وهي الأيام التي أنزل الله فيها على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ” وقيل نزلت يوم عرفة، وقيل يوم النحر، تلك الأيام التي أكمل الله فيها الدين، وأتم فيها الشريعة، وأتم علينا النعمة، أيام عظيمة عند الله عز وجل.
ولكن الأيام العشر من ذي الحجة ماذا نفعل فيها؟ فاسمع لهذا الحديث العظيم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر” قالوا يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ” ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء” ولكن كيف أن العمل الصالح في الأيام العشر أفضل من الجهاد؟ كيف والجهاد أعلى المنازل وأفضل الأعمال؟ والصحابي لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال دلني على عمل يعدل الجهاد، قال ” لا أجده ” قال ” هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم، ولا تفتر، وتصوم، ولا تفطر” قال ومن يستطيع ذلك، قال أبو هريرة رضي الله عنه “إن فرس المجاهد ليستن في طوله، فيكتب له حسنات”
فانظروا يرحمكم الله عندما قال له تستطيع إذا خرج المجاهد أن تصوم فلا تفطر وأن تقوم فلا تفتر، قال ومن يستطيع ذلك؟ كيف هذه الأيام أفضل من الجهاد، كيف والنبي صل الله على عليه وسلم قال ” إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجّر أنهار الجنة” وهذا هو الصحابي الجليل زيد بن حارثة رضي الله عنه دخل الفردوس بساعة جهاد، وجعفر الطيار رضي الله عنه طار في الجنة بيوم جهاد، وكيف وأن هذه الأيام أعظم من الجهاد؟ فالجهاد أعلى شيء وذروة سنام الإسلام، لكن العبادة في الأيام العشر أفضل من الجهاد، لذلك نتشجع للعبادة، ونقبل على الله تعالي أكثر وأكثر، ونحب ربنا عز وجل أكثر وأكثر.
لأن الأيام العشر أفضل أيام الدنيا، أحب الأيام إلى الله سبحانه وتعالي، فكان سعيد بن جبير رحمه الله، إذا دخلت العشر يشتغل بالعبادة والذكر والتسبيح، ويجتهد إجتهادا عظيما حتى لا يكاد أحد يصل إليه، ينشغل عن الناس، ينشغل بالعبادة حتى لو أراد أحد أن يكلمه أو يجالسه ما إستطاع، وكان سعيد يقول ” إذا دخلت عليكم العشر فلا تطفئوا السّرج” كناية عن كثرة القراءة والذكر والتسبيح والصلاة، فهذه هي الأيام العشر ينبغي أن نغتنمها غاية الإغتنام، وهذا هو دأب المؤمنين الصالحين أنهم يغتنمون الأيام الفاضلة التي تمر عليهم، فلا تمر علينا كغيرها من الأوقات، والله تعالى يحب عباده الذين يتقربون إليه في عموم أوقاتهم، فما بالك إذا جاءت تلك المواسم الفاضلة؟ أسأل الله بمنه وكرمه أن يوفقنا وإياك الى فعل كل خير واجتناب كل شر، وأن يكتب لنا وإياك في هذه الأيام المبارك خير ما كتبه لعباده الصالحين، وصلي الله اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.