بقلم محمـــد الدكـــروري
الحمد لله وكفى، وما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى خاتم الأنبياء والمرسلين وشفيعنا يوم الدين، وعلى آله وصحبه وسلم، ثم أما بعد لقد أوصي الإسلام بتربية الأبناء تربية إسلامية حسنة، ولما كان الدور الأكبر في رعاية وتنشئة الطفل تنشئة سليمة يتمثل في دور الوالدين، فقد حرص الإسلام على أن تنشأ الأسرة في الأساس بزوج تقي وزوجة صالحة، وفي ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم الزوج باختيار الزوجة الصالحة ذات الدين، وفي ذلك لم يقف الإسلام في وجه من أراد المرأة الجميلة، أو ذات المال أو الحسب، ولكن بشرط ألا تتعارض مع الأخلاق والدين، وكذلك أمر النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم الزوجة بإختيار زوجها على نفس المعيار والأساس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” وكذلك هنا لم يقف الإسلام مانعا من زواج المرأة للرجل الغني بشرط ألا يكون ذلك على حساب الدين، ولا ريب في أن هذا الإختيار وذاك الأساس من شأنه أن يعود بالنفع التام والمصلحة المباشرة على الطفل الذي يكون ثمرة هذين الزوجين الصالحين، لينشأ بعد ذلك في أسرة ودودة متحابة، تعيش في ظل تعاليم الإسلام السمحه، ومن حق الطفل أيضا قبل ولادته ذاك التوجيه النبوي الشريف في الدعاء عند الجماع، والذي يحفظ الجنين من الشيطان، فعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لو أن أحدكم إذا أتي أهله قال ” بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولد، لم يضره “
وكذلك من حقوق الطفل التي أقرها الإسلام قبل ولادته هو تحريم إجهاضه وهو جنين، وإجازة الفطر في رمضان للمرأة الحامل، وتأجيل حد الزنا حتى يولد وينتهي من الرضاع، وإيجاب الدية على قاتله، وكما وضع الإسلام للطفل أحكاما تتعلق بولادته، كان منها الإستبشار بالمولود، وهو إستحباب الإستبشار بالمولود عند ولادته، وذلك على نحو ما جاء في قوله تعالى عن ولادة سيدنا يحيى بن زكريا عليهما السلام ” فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيي مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين ” وهذه البشارة للذكر والأنثى على السواء من غير تفرقة بينهما، وكذلك التأذين في أذنيه، حيث أن منها أيضا هو الأذان في أذنه اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى، وفي هذا إقتداء بالنبي المصطفي صلى الله عليه وسلم.
فقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في أذن الحسن بن علي رضي الله عنهما عند ولادته، وروى ذلك عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمه بالصلاة ” وفي الأذان والإقامة في أذن المولود فوائد ذكرها الإمام ابن القيم فقال ” وسر التأذين والله أعلم أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته، والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام، فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا، كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها، وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثيره به وإن لم يشعر، مع ما في ذلك من فائدة أخرى وهي هروب الشيطان من كلمات الأذان.